نثمن مبادرة الجزائر بإنشاء هيئة أركان وخلية استعلامات لمكافحة القاعدة نحيّي إلغاء التجريم علي الصحافة وعلى احتكار السمعي البصري شددت سفيرة ورئيسية مفوضية الاتحاد الأوروبي في الجزائر، السيدة لورا بائيزا، على أن نتائج اتفاق الشراكة مع الجزائر ليست سلبية، وأن القوانين التي صدرت في الجزائر منذ 2009 ساهمت في إعاقة الاستثمارات الأجنبية، بما فيها الأوروبية. كما حيّت المبادرات التي قامت بها الجزائر بإنشاء هيئة أركان وخلية استعلامات في منطقة الساحل لمحاربة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. كيف تقيّمون المفاوضات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي لتمديد رزنامة التفكيك الجمركي في إطار اتفاق الشراكة؟ نظمنا جولات من المفاوضات والملفات عرفت تقدما، وبرمجت الجولة المقبلة نهاية أكتوبر في بروكسل. وسمحت المشاورات في مرحلة أولى بتحديد دوافع الطلب الجزائري، حيث وصلنا إلى مرحلة تقريب المواقف للوصول إلى تسوية مرضية للطرفين تحترم الشروط المنصوص عليها في اتفاق الشراكة. وفي سياق المشاورات التي تتسم بطابع تقني، تبنى الاتحاد الأوروبي انفتاحا واستعدادا للنقاش بصورة ملموسة حول التحديات الهيكلية التي تواجهها الجزائر، والتوصل في أقرب الآجال إلى حل يضمن مصالحنا الاقتصادية المشتركة. ويجب التذكير أن أحد أهدافنا الرئيسية، من خلال برامج التعاون، هو دعم وتوثيق التنمية وتنويع وعصرنة الاقتصاد الجزائري لمواجهة المنافسة الأجنبية، وتصدير منتجاته للأسواق الخارجية، منها الاتحاد الأوروبي. سيواصل الاتحاد تفعيل التعاون في مجالي الأمن ومكافحة الإرهاب، حيث تلعب فيهما الجزائر دورا هاماعلى المستوى الجهوي. هل تعتقدون أن الشكاوى الجزائرية مشروعة ؟ ولماذا لم يعطي اتفاق الشراكة نتائج ملموسة؟ يجب التذكير بالأهمية التي يوليها الاتحاد الأوروبي للشراكة مع الجزائر. ويعكس دخول الاتفاق حيز التنفيذ في 2005 التقارب بين الطرفين، مع منح هيكل قانوني للعلاقة الثنائية. ولكن اتفاق الشراكة مجرد أداة يساعد على إرساء شروط تحفيز التنمية الاقتصادية وانعكاسات ايجابية على المديين المتوسط والبعيد، فاتفاق الشراكة برنامج كامل وقاعدة جيدة لاعتماد تدريجي للأهداف الدقيقة لتعاوننا، والإسراع في وتيرة الإصلاحات الاقتصادية الداخلية، لتنويع الاقتصاد وضمان أحسن للمعلومات للمتعاملين للوصول إلى السوق الأوروبي، وتدعيم قدرة السوق الجزائري على استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ولكن هذا يتطلب بالمقابل بذل جهود لجعل الاقتصاد الجزائري أكثر تنافسية. وأجد أن اعتبار اتفاق الشراكة سلبيا غير صحيح، وغير مبرر، فالدراسة التي طلبناها في 2009 حول انعكاسات اتفاق الشراكة تبين عكس ذلك، فالاستثمارات المباشرة الأوروبية ارتفعت منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ في سبتمبر 2005، حيث انتقلت من 234 مليون دولار ''19 مليار دينار'' في 2005 إلى 15, 1 مليار دولار ''25, 94 مليار دينار'' في 2009، ولم تعرف الاستثمارات ارتفاعا فحسب، بل عرفت تنوعا، لتنتقل من قطاع المحروقات إلى القطاعات الإنتاجية الاقتصادية بنسبة 70 بالمائة. ولكن الأزمة المالية والاقتصادية ساهمت في انكماش مشاريع استثمارات المؤسسات الكبيرة، ليس في الجزائر فحسب بل عبر العالم. ولكن للاستفادة من الاستثمار الأجنبي يجب توفير مناخ ملائم وضمان شروط الاستقرار وعدم التمييز والشفافية،، وفقا لنصوص اتفاق الشراكة. وهنا يتعين الاعتراف بأن مجمل الإجراءات المقيدة التي اتخذت منذ 2009 لم تحفز مناخ الاستثمار، رغم القدرات التي لا يمكن إنكارها للجزائر. وهذه التدابير لم تؤخر فحسب مشاريع الاستثمار الأجنبية في الجزائر، بل أثرت على نشاط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الجزائرية. وأعتقد أن هناك، دون شك، هامشا للحركة لتشجيع النمو وتنويع الاقتصاد الجزائري وتوظيف الشباب. ومع ذلك فإن الاتحاد الأوروبي مصمم على الاستمرار في تدعيم الجزائر في هذا المسار، ومساعدتها للاستفادة من المزايا الخاصة التي تسمح لها بالدخول إلى السوق الأوروبية، والتي منحت لها في إطار اتفاق الشراكة، ولكن أيضا من خلال المساعدة التقنية للاتحاد الأوروبي لتسهيل التجارة. يبقى الاتحاد الأوروبي دائما متضامنا بخصوص وضعية الشعب الصحراوي، ويواصل تقديم المساعدات الإنسانية بصورة ملموسة. هل استفادت الجزائر من برامج ''ميدا'' والبرامج المرتبطة بالسياسة الأوروبية للجوار؟ وهل تعتقدون أن الاتحاد من أجل المتوسط لا يزال صالحا للتطبيق؟ تم تعويض برنامج ''ميدا'' منذ 2007 بالآلية الأوروبية للشراكة والجوار، وتستفيد الجزائر من دعم على شكل هبة بقيمة 58 مليون أورو أي حوالي 8, 5 مليار دينار سنويا. وندرك أن الجزائر مقارنة ببلدان أخرى ليست بحاجة إلى موارد مالية، ولكن من مصاحبة تقنية لعصرنة اقتصادها، وهو جوهر هدف الدعم المالي الذي يقدمه الاتحاد للجزائر. وهذه السنة هناك برنامج بقيمة 30 مليون أورو في قطاع المياه والتطهير، تم إطلاقه في إطار التعاون القطاعي الذي يشمل المصاحبة التقنية الخاصة بالإصلاحات والحكم الراشد وإصلاح تسيير الأموال العمومية، ونؤكد أن كل بلد شريك له الحق في تطوير علاقاته مع الاتحاد الأوروبي، وفقا لتطلعاته الخاصة وحاجياته وقدراته، ونبذل بالمقابل جهودا لتقديم الأفضل دائما، واعتماد مقاربة تضمن تشجيع تجسيد الإصلاحات، والتي نختصرها في ''الحصول على الأكثر حينما تقوم بالمزيد''، والتي هي في قلب السياسة الجديدة الأوروبية للجوار، أما عن الاتحاد من أجل المتوسط، فإن التطور الحاصل في المنطقة يمنح فرصا جديدة للشركاء لمواجهة التحديات التي لن تتجسد سوى عن طريق التعاون الجهوي، والتي تبرز من خلال المشاريع المعلن عنها في قمة باريس، مثل مخطط الطاقة الشمسية ومكافحة التلوث في المتوسط وتطوير الطرق السريعة البحرية والبرية ومبادرة المتوسط الخاصة بالمؤسسات، وهذه البرامج قائمة وصالحة. وأعتبر أن الاتحاد من أجل المتوسط منعرج حاسم، ويتعين أن تبين المبادرة مدى قدرتها على توفير مزايا ملموسة لشعوب المنطقة، وعلى هذا الأساس، يتعين على أمانة الاتحاد أن تركز على دوره للتوجيه والتأطير، والربط بين الدول والبنك الأوروبي للاستثمار والهيئات المالية الدولية والقطاع الخاص حول مشاريع اقتصادية ملموسة. وبإمكان الدول الشريكة أن تشارك في هذه المشاريع، حسب حاجياتها ومصالحها. ما هو تصوركم للعلاقات السياسية والأمنية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي؟ وماذا يمكن أن تقدم أوروبا لمكافحة الإرهاب؟ وهل يمكن للجزائر أن تلعب دورا في الإستراتيجية الأمنية الأوروبية؟ وهل تعتقدون أن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تمثل عامل تهديد؟ الجزائر شريك هام واستراتيجي للاتحاد الأوروبي، ويلعب دورا محوريا في الفضاء الأورو متوسطي والشراكة الإفريقية الأوروبية، والاتحاد الأوروبي يأمل في تطوير الحوار المعمق مع الجزائر، خاصة الأمن ومكافحة الإرهاب والهجرة وتنقل الأشخاص. وخلال الدورة الأولى للجنة الفرعية ''الحوار السياسي والأمني وحقوق الإنسان''، التي نظمت يومي 3 و4 أكتوبر، كان لممثلي الجزائر والاتحاد الأوروبي تبادل لوجهات النظر حول القضايا الأمنية. ويعبر الاتحاد الأوروبي عن ارتياحه لانخراط دول المغرب العربي والساحل في التعاون الجهوي الرامي إلى تطوير الأمن والرفاهية في منطقة الصحراء والساحل. ونحيي المبادرة الجزائرية لإقامة مجلس هيئة الأركان العملياتية المشتركة التي تجمع الجزائر ونيجر ومالي وموريتانيا، والخلية المشتركة للاستعلامات حول نشاط القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وهو ما يعكس إرادة دول المنطقة للعمل سويا لمحاربة التحديات التي يواجهونها. وشارك وفد أوروبي رفيع المستوى في المؤتمر الدولي للأمن وتنمية دول الساحل الذي نظم بالجزائر في 7 سبتمبر. وسيواصل الاتحاد تفعيل التعاون في مجالي الأمن ومكافحة الإرهاب، حيث تلعب فيهما الجزائر دورا هاما على المستوى الجهوي. كما نعتبر الجزائر بلدا كبيرا يمكن أن يلعب دورا حيويا كشريك لأوروبا، بما في ذلك ملف تسيير الهجرة، كونه بلدا يتضمن أفرادا يرغبون في الهجرة والعمل إلى أوروبا، كما إنه بلد عبور من افريقيا، لذا من مصلحة الطرفين تسيير تدفق المهاجرين بصورة ناجعة. ويأمل الاتحاد الأوروبي في تدعيم تعاونه مع الجزائر في هذا الملف الحساس. ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الاتحاد الأوروبي لتحسين العلاقات المغاربية، وخاصة تسوية ملف الصحراء الغربية؟ هناك حاجة لدعم الجهود الرامية لتقوية التعاون والاندماج الجهوي مع الجزائر، وبين دول المغرب العربي. فكل دولة لها خصوصياتها، ورياح ''الربيع العربي'' هبت بصورة متباينة على مصر وتونس والجزائر وليبيا والمغرب، ولكن هناك تحديات مشتركة، أهمها الأمن ومكافحة الإرهاب، والتواصل بين الشعوب وضرورة إعطاء الأمل للشباب، والتنمية الاقتصادية وتطوير الفلاحة ومشاريع البنى التحتية والطاقة وتسيير الحدود. والاتحاد منفتح لكافة المقترحات الجزائرية لتحديد الطريقة التي يمكن من خلالها أن يساهم في تشجيع الاندماج الجهوي من خلال أعمال ملموسة. وأنا متأكدة أن الجهود المشتركة كفيلة بتدعيم العلاقات بين الدول المغاربية وضمان الاستقرار والرخاء. أما بخصوص الصحراء الغربية، وتطبيقا للائحة الأممية 1979 لسنة 2011، الصادرة عن مجلس الأمن، فإن الاتحاد الأوروبي يقدم دعمه لجهود الأمين العام للأمم المتحدة لإيجاد حل عادل ودائم ومقبول من الطرفين، ويبقى الاتحاد الأوروبي دائما متضامنا بخصوص وضعية الشعب الصحراوي، ويواصل تقديم المساعدات الإنسانية بصورة ملموسة. ومنذ 1993 قدرت المساعدات الإنسانية للمفوضية الأوروبية بأكثر من 150 مليون أورو ''15 مليار دينار''. وقبل نهاية سنة 2011 برمجنا تقديم مساعدة جديدة بقيمة 9 مليون أورو ''900 مليون دينار''. نتابع باهتمام بالغ مسار إصلاح القوانين حول الجمعيات، والأحزاب السياسية، والانتخابات، والإعلام، وتمثيل المرأة في المجالس المنتخبة. ما المنتظر من الجزائر في مجال حقوق الإنسان والحريات، وفقا للمادة الثانية من اتفاق الشراكة؟ وكيف تنظرون إلى ما اتخذ من قرارات من قبل الحكومة الجزائرية؟ لقد حيي الاتحاد قرار إطلاق إصلاحات سياسية من قبل الرئيس بوتفليقة، ونتابع باهتمام بالغ مسار إصلاح القوانين حول الجمعيات، والأحزاب السياسية، والانتخابات، والإعلام، وتمثيل المرأة في المجالس المنتخبة، آملين أن تتجسد لتدعيم احترام الحريات الأساسية، منها حرية التجمع وتأسيس الجمعيات في القوانين الجديدة، بما يتلاؤم مع القوانين الدولية، ونحيي التدابير الرامية إلى إلغاء التجريم على جنح الصحافة، وإلغاء الاحتكار على السمعي البصري. ولكن مسار الإصلاحات يخص الجزائريين، ومن الأهمية بمكان أن يلبي تطلعاتهم، وأن تواصل الجزائر جهودها لتكون استشارة المجتمع المدني ذات أثر فعلي على تجسيد الإصلاحات، فمشاركة كافة الفاعلين في الحياة السياسية، واحترام الحقوق الأساسية، وحرية الإعلام، واستقلالية العدالة وعصرنتها، وتنظيم انتخابات حرة وغير منحازة، مؤشرات لترسيخ الديمقراطية. وعلى المستوى الاقتصادي يقدم الاتحاد الدعم لعصرنة الأداة الاقتصادية، من خلال تأهيل المؤسسات، وعصرنة الإدارة العمومية والتعليم، وخصصنا لذلك ما بين 2011 و2013 ميزانية تقدر ب175 مليون أورو ''2, 17 مليار دينار'' لدعم الصيد البحري، وحماية البيئة، ومكافحة الفقر، والحفاظ على التراث التاريخي والفني. ماذا عن التعاون في مجال الهجرة وحرية تنقل الأشخاص؟ قرر الاتحاد اقتراحا لكل دولة شريكة تطوير الحوار حول الهجرة وحركة الأشخاص، لينبثق عنه إبرام شراكة حول حركة الأشخاص، واتفاق عام يسمح بحل كل القضايا المتعلقة بمكافحة الهجرة غير الشرعية والتنقل المنتظم للأفراد. وأعاد الاتحاد التأكيد على إرادته لتطوير حوار مع الجزائر، بما يتطابق مع مقاربة الاتحاد الأوروبي حول الهجرة وكيفية تسيير الهجرة القانونية،ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وتسيير الحدود.