في خطوة جديدة قامت بها باريس بمعية الرباط من أجل التأثير على الجزائر وتحييدها إقليميا في ما يخص محاربة الإرهاب، تحضّر باريس لتأسيس لتجمع موازي لهيئة الأركان العملياتية العسكرية التي يتواجد مقرها بتمنراست. وحسب مصادر فرنسية، فإن التكتل الجديد لدول الساحل الذي تحاول فرنسا والمغرب إنشاءه، سيكون جبهة جديدة لمحاربة ما يسمى "القاعدة في المغرب الإسلامي". ويرى مختصون في مجال الأمن أن ما تسعى إليه باريس بمساعدة نظام المخزن بالرباط، ليس سوى لعبة سياسية الهدف منها إضعاف موقف الجزائر إقليميا وسحب ملف محاربة الإرهاب منها، ما يعني تحييد الجزائر عن منطقة الساحل وتنصيب المغرب على رأس هذه الهيئة، سيسمح له بقيادة العمليات العسكرية في المنطقة، والظاهر أن المملكة ستكون مهامها شكلية فقط، بما أن خيوط اللعبة سيتم تحريكها من قصر الإليزيه. ويرى مختصون أن تزايد اتهام المغرب لجبهة البوليزاريو واتهامها بالإرهاب، ليس في واقع الحال سوى محاولة لتبرير تزعم المغرب للتجمع الإقليمي الذي تنوي فرنسا إقامته بإشراك دول الساحل وتحييد الجزائر كدولة هامة ورائدة وذات تجربة في مكافحة الآفة. وفي السياق نفسه، قالت المصادر ذاتها إن باريس تسعى جديا لتحييد الجزائر عن طريق إقامة تكتل جديد تحت إسم "هيئة دول غرب إفريقيا وجنوب الصحراء لمكافحة الإرهاب"، وستشارك في هذه الهيئة الجديدة حسب المصدر تقريبا الدول نفسها التي تشكل هيئة تمنراست، مع العلم أن اسم الجزائر غير وارد في هذه الهيئة، ما يعني أن كلا من الرباط وباريس تحاولان إبعاد الجزائر والانفراد بدول الساحل. وللتذكير، فإن لقاء أوليا لهذه الهيئة التي تنوي فرنسا خلقها كان قد انعقد في باماكو تحت رعاية فرنسية، وتسعى باريس خلال هذه الأيام إلى تكثيف جهودها فيما يخص هذا الملف من أجل شحذ التأييد للمبادرة دوليا وإفريقيا، التي ستكون دون الجزائر. ويرى مراقبون أن فرنسا تحاول خلط الأوراق في المنطقة وتضخيم تأثير التنظيم الإرهابي في المنطقة وخطره، كما تعمل على إثارة ملفات أخرى قبلية بين الطوارق، وهو ما يمكن أن يهدد استقرار الساحل الصحراوي. والأكيد أن المغرب سيكون الحصان الرابح الذي يراهن عليه ساركوزي قصد إنجاح مبادرته التي تسعى لعزل الجزائر، بذريعة أن الجزائر وحدها لا يمكن أن تقود دول الساحل لمحاربة الظاهرة، وستجد الرباط نفسها مع فرصة حقيقية لفرض منطقها في ما يخص ملف الصحراء الغربية الذي ستعمل على استثماره على أبعد حد، وهو ما تلتقي فيه مع فرنسا. ويرى مراقبون أن الهيئة الجديدة ليست في واقع الحال سوى ورقة خاسرة تستعملها الرباط وباريس من أجل ابتزاز الجزائر ومحاولة التقليل من قدراتها، حيث تساوم فرنسا في ما يخص ملف تجريم الاستعمار وتسعى المغرب للعب على قضية الصحراء الغربية والتأثير على الجزائر وعلى مبادئها الخاصة بحق الشعوب في تقرير مصيرها.