نحيي مبادرة الجزائر بإنشاء قيادة لأركان دول الساحل وخلية استعلامات لمتابعة ''القاعدة'' استعرض مايكل مان، الناطق الرسمي باسم الممثلة السامية للشؤون الخارجية الأوروبية السيدة كاترين أشتون، عدة ملفات هامة، مؤكدا على رغبة الجانب الأوروبي في تعميق الحوار مع الجزائر في المجالات الأمنية ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية. وكشف مايكل مان في حوار خص به ''الخبر'' استحسان الاتحاد الأوروبي مبادرة الجزائر بتشكيل قيادة أركان مع دول الساحل، كما أكد استعداد أوروبا لتقديم الدعم للجزائر لاحتواء تبعات الأزمة الليبية. ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الجزائر في الإستراتيجية الأمنية الأوروبية في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية؟ الجزائر شريك هام للاتحاد الأوروبي، يلعب دورا هاما ضمن الفضاء الأورومتوسطي والشراكة الأوروإفريقية. والاتحاد الأوروبي يأمل في تطوير وتوثيق الحوار المعمق مع الجزائر في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب والهجرة وحركة الأشخاص، ومؤخرا تم تأسيس لجنة فرعية ''حوار سياسي وأمني وحقوق الإنسان'' من قبل مجلس الشراكة الجزائري الأوروبي، وهذا يشكل بالنسبة إلينا خطوة هامة بهدف تعميق الحوار المفتوح والبناء حول المسائل السياسية والأمنية وتلك المتعلقة بحقوق الإنسان. وخلال الدورة الأخيرة للجنة مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر يومي 19 و20 جوان، قرر الجانبان أن تنظم الدورة الأولى من هذا الحوار في شهر سبتمبر المقبل بالجزائر. ما هي المقاربة التي تعتمدونها بخصوص التهديدات التي يشكلها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على منطقة المتوسط والساحل؟ يشجع الاتحاد الأوروبي الجهود المبذولة والهادفة إلى تدعيم التعاون ''جنوب جنوب'' والاندماج الجهوي، وتمثل قضايا الطاقة والأمن ومكافحة الإرهاب والمنشآت القاعدية وتسيير الحدود والنمو الاقتصادي تحديات مشتركة، يتعين على كل المنطقة مواجهتها. والاتحاد الأوروبي يعبر عن رضاه وترحيبه للانخراط المتزايد لدول المغرب العربي في التعاون الجهوي لتدعيم الأمن والازدهار في منطقة الساحل والصحراء. وهذا الجهد الجهوي لمحاربة كافة التحديات الأمنية ولاسيما تلك المتأتية من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، كان محل لقاء مؤخرا لوزراء الخارجية بباماكو. ويحي الاتحاد الأوروبي أيضا المبادرة الجزائرية لإقامة مجلس عملياتي مشترك لهيئة الأركان (CEMOC) تضم الجزائر والنيجر وموريتانيا ومالي، إضافة إلى خلية مشتركة للاستعلامات على نشاط القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وهو ما يعكس إرادة بلدان المنطقة على العمل معا لمواجهة التحديات التي يواجهونها جميعا بصورة مشتركة. وستنظم الجزائر في سبتمبر المقبل لقاء على مستوى عالي حول الأمن والتنمية في منطقة الساحل بمشاركة الشركاء الخارجيين خاصة الاتحاد الأوروبي. كيف تقيمون العلاقات مع الجزائر على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني؟ الاتحاد الأوروبي مستعد لتدعيم وترسيخ الحوار مع الجزائر وباقي الشركاء في المنطقة، في إطار إستراتيجية الأمن والتنمية للساحل. ومن أيام توجه منسقو الاتحاد الأوروبي إلى المنطقة بما في ذلك الجزائر، حيث أجروا مباحثات معمقة حول التهديدات الإرهابية والتحديات الأمنية المشتركة في المنطقة، وتم التطرق أيضا إلى آليات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في هذه المجالات. ونؤكد أن الاتحاد الأوروبي على يقين بأن الجهود المشتركة الرامية إلى تدعيم العلاقات بين بلدان المغرب العربي يمكن أن تساهم في لعب دور حاسم لصالح الاستقرار والرفاهية لكافة المنطقة. أخذت الأزمة أبعادا خطيرة، ألا تعتقدون أن الخيار العسكري والانحياز للمعارضة المسلحة لم يؤد إلا إلى تأزيم الوضع أكثر؟ وهل هنالك خيارات وحلول لإيقاف حمام الدم وعودة الاستقرار؟ تقع على كاهل المجموعة الدولية مسؤولية حماية المدنيين الليبيين وهذا هو جوهر المهمة التي منحها مجلس الأمن في توصياته رقم 1970 و1973. وفي إطار هذه التوصيات، الاتحاد الأوروبي عازم على القيام بكل ما هو متاح لديه للحد من آلام المدنيين الليبيين من جهة وضمان حمايتهم من جهة أخرى، وهذا الأمر يمر عبر إيصال المساعدات الإنسانية إلى كافة السكان المتضررين في طرابلس وبنغازي ومصراتة وجبل نفوسة وغيرها من المناطق، فضلا عن مضاعفة الضغوط على نظام معمر القذافي بما في ذلك اللجوء إلى وسيلة العقوبات. أما الخيار العسكري الذي ذكرتموه، فإنه لا يشكل سوى وسيلة تهدف إلى منع نظام القذافي من مواصلة تجاوزاته. وعليه فإن الاتحاد الأوروبي يشارك بفعالية في الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إرساء مسار سياسي يباشر بالتنسيق مع المبعوث الخاص للأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة السيد عبدالإله الخطيب، ونعمل معا على توفير الظروف التي تسمح بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وليكون هذا المسار ذا مصداقية ويتسم بالديمومة، فإنه يتعين أن يرتبط بصورة وثيقة مع مسار سياسي يشمل تحويل وانتقال السلطة إلى هيئة انتقالية، وهذه الأخيرة ستتكفل بتحفيز حوار وطني بين كافة الليبيين بغرض بناء ليبيا ديمقراطية لما بعد عهد القذافي والأمر يعود لليبيين أنفسهم للقيام بهذا العمل، وإذا رغبوا في ذلك، فإن المجموعة الدولية مستعدة لمساعدتهم في هذا الجهد السيادي. كيف تنظرون إلى الاتهامات التي وجهت إلى الجزائر بخصوص المشكل الليبي، خاصة فيما تعلق بإرسال مرتزقة؟ شكلت الأزمة الليبية آثارا سلبية وعامل لا استقرار على كافة دول الجوار، وهو ما سجلناه من خلال الهجمات التي قامت بها قوات القذافي على التراب التونسي. وبصورة منطقية جدا، اتخذت الجزائر تدابير لتأمين شريطها الحدودي الطويل والمشترك مع ليبيا وليس لدي أي شك بخصوص إرادة وعزم السلطات الجزائرية على التطبيق الكامل للتوصيات الأممية 1970 و1973 والتي تشمل منع إيصال أو تزويد القوات المساندة للقذافي بالسلاح والذخيرة أو المرتزقة. ومن جهته، فإن الاتحاد الأوروبي مستعد للعمل بصورة وثيقة مع الجزائر لمساعدتها على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية والأمنية التي نتجت عن الأزمة الحالية. ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الاتحاد الأوروبي لتحسين العلاقات المغاربية وخاصة تلك المرتبطة بالنزاع القائم في الصحراء الغربية؟ يسجل الاتحاد الأوروبي المقاربات الجديدة والمستجدة في مجال المفاوضات المتعلقة بالصحراء الغربية وخاصة المشاورات التي يقودها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة مع الأطراف المعنية والبلدان المجاورة. ويسجل الاتحاد الأوروبي أنه يتعين تحسين وضعية حقوق الإنسان تماشيا والتوصية الأخيرة لمجلس الأمن 1979 الصادرة في .2011 ويدعم الاتحاد الأوروبي الجهود المبذولة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من قبل الطرفين والذي يسمح بتقرير مصير شعب الصحراء الغربية. ويواصل الاتحاد الأوروبي تقديم مساعدات إنسانية للسكان الصحراويين. ومنذ 1993 فإن المساعدة الإنسانية المقدمة من قبل المفوضية الأوروبية تقدر بأكثر من 150 مليون أورو، كما أن الاتحاد الأوروبي مستعد، إذا اتفقت الأطراف على ذلك، لتمويل إجراءات تدعيم الثقة. هل يمكن لأوروبا أن تؤثر بصورة فعالة على مسار الأحداث في الشرق الأوسط والعراق؟ وهل لديكم الوسائل للتأثير وتجاوز تباين المواقف الأوروبية بخصوص هذه القضايا؟ أوروبا عضو في المجموعة الرباعية الدولية الخاصة بالشرق الأوسط وهذا ما يمنحنا دورا أساسيا من الدرجة الأولى على الصعيد الدبلوماسي والسياسي لتسوية النزاع العربي الإسرائيلي، وقد كنا فاعلين ونشطين خلال المدة الأخيرة بفضل وحدة موقفنا الذي اعتمدناه بصفة وثيقة من خلال نتائج لقاء مجلس الوزراء في ديسمبر 2009 وديسمبر 2010 وأخيرا ماي .2011 لقد ترأسنا لقاء للمجموعة الرباعية في شهر فيفري بأوروبا. وأؤكد أنه ضمن المجموعة الرباعية هناك إجماع اليوم لعقد اجتماع آخر على مستوى عالي ورئيسي في شهر جويلية الجاري. ويرتقب أن نصدر بيانا على أساس المعايير الأوروبية والمبادئ المعتمدة في خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بهدف مساعدة الأطراف المعنية على استئناف المفاوضات، فالموقف الأوروبي واضح ومفاده أن المفاوضات هي أفضل طريق لتسوية النزاع. وفي نهاية المطاف، فإن حلا يجب أن يوجد على طاولة المفاوضات حتى وإن كان ذلك بتضحيات أليمة لكلا الطرفين. وأوروبا بالمقابل مستعدة لمصاحبة الأطراف المعنية وتطمينها على طول مسار المفاوضات، وأنا على يقين بأن تسوية النزاع يتطلب جهدا متعدد الأطراف، وسنستمر بالعمل جماعيا مع زملائنا الأوروبيين ال27 والولايات المتحدة وباقي أعضاء مجموعة الرباعية والإسرائيليين والفلسطينيين وشركائنا العرب للعمل بهذا الا. وكمحصلة لذلك، يتعين إيجاد حل إقليمي في نهاية المطاف يشمل أيضا الملف السوري واللبناني في الأزمة، ونعتمد على الدور الهام للجامعة العربية من خلال مبادرة السلام العربية. كيف تتعاملون مع الملف النووي الإيراني وما موقفكم من الوضع السائد في سوريا واليمن؟ الوضع في سوريا مقلق للغاية، ورغم نداءاتنا المتعددة للقادة السوريين لوضع حد للقمع الدموي وإطلاق إصلاحات سياسية ذات مصداقية دون تأخير، إلا أن النظام السوري متشبث بمواقفه ونحن عازمون على مواصلة الضغط على النظام لتغيير وجهته. واتخذ الاتحاد الأوروبي إجراءات تقييدية ضد الأشخاص المسؤولين عن عمليات القمع ويعلق تعاونه الثنائي مع السلطات السورية. ونرى بأن تفاقم الوضع في سوريا سيطرح تحديا أمنيا كبيرا لكافة المنطقة. وعليه فإننا نعمل بالتنسيق مع شركائنا الدوليين، ليقوم مجلس الأمن بإدانة الوضع في سوريا وإلزام السلطات السورية بالرد والاستجابة للطلبات الشرعية للشعب السوري. في نفس السياق، نرى بأن الوضع في اليمن مقلق جدا أيضا ويقوم وزراء الاتحاد الأوروبي بمتابعة التطور الميداني للوضع عن قرب، وأبقينا الاتصالات مع أبرز وأهم الشركاء اليمنيين والجهويين والدوليين. والأهم بالنسبة إلينا أن نضمن وقفا دائما لإطلاق النار وإنهاء العنف عبر البلاد، وكلما بدأت المرحلة الانتقالية السياسية بسرعة، كلما كان الأمر أفضل والشعب اليمني هو الضحية وهو الذي يدفع ثمن الوضع الحالي بسعر مكلف. وبناء على ذلك فإننا ندعو كافة الأطراف إلى توفير الظروف الضرورية للمرحلة الانتقالية ونقل السلطة بسرعة، وهذا الأمر يشمل الرئيس علي عبد الله صالح وعائلته، إلى جانب باقي الفاعلين في اليمن، وقد وجهنا رسالة إلى نائب الرئيس هادي لنبرز له الأهمية الحيوية لإرساء عملية انتقال سياسي للسلطة، سريعة ومنظمة في اليمن. وطلبنا أيضا بأن تحترم كافة الأطراف وقف إطلاق النار وإن كان هشا. وأخيرا شددنا على دعم الاتحاد الأوروبي، وهو دعم أعيد التأكيد عليه بصورة مطلقة وإرادية لليمنيين في مسعاهم الرامي إلى تحقيق مستقبل أفضل لبلادهم. أما فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، فإن الاتحاد الأوروبي يواصل سياسة ''المتابعة المزدوجة أو المسارين المزدوجين''، حيث يزاوج بين الضغوط بما في ذلك العقوبات الصادرة عن مجلس الأمن والتحفيزات، فقد قامت الممثلية العليا بالتنسيق مع ألمانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا إلى جانب فيدرالية روسيا والمملكة المتحدة بمشاورات مع إيران لاقتراح تدابير ملموسة وعملية بهدف إرساء الثقة والتأكيد على سلمية البرنامج النووي الإيراني، ولكن للأسف ولغاية الآن، لم تبِن إيران عن إرادة في التقدم دون شروط مسبقة بإجراءات ملموسة، ومع ذلك فإن الاتحاد الأوروبي سيواصل جهوده لإقناع إيران بالرد على الانشغالات الفعلية للمجموعة الدولية حول برنامجها النووي.