شهدت الأسواق المالية الأوروبية ارتفاعا مطردا في تكلفة خدمة الدين العام الايطالي إلى مستويات خطيرة تقترب من 7 في المائة، وهو عامل يساهم في تفاقم أزمة منطقة الأورو. كما لم يؤد إعلان برلسكوني وباباندريو مغادرة السلطة في ايطاليا واليونان إلى طمأنة الأسواق المالية، حيث تراجعت معظم البورصات الرئيسية وبرزت مخاوف كبيرة من اتساع رقعة الأزمة إلى ايطاليا، وتأثرت أكبر البلدان فرنسا وألمانيا، خاصة وأن ديون ايطاليا تجاوزت نسبة 120 بالمائة من الناتج المحلي الخام أو1900 مليار أورو، وأن الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي الذي استفاد من ارتفاع موارده إلى 1000 مليار أورو، يجد صعوبة في التعامل مع تفاقم مديونية ايطاليا بالخصوص. وفي آخر التداولات ارتفع سعر الفائدة على سندات الخزانة العامة الايطالية (بي تي بي)، لمدة 10 سنوات، إلى حدود 7 في المائة سنويا، كمؤشر عن تفاقم أعباء الديون الايطالية، حيث سيتعين على الحكومة الايطالية إضافة حوالي 9 مليار أورو السنة المقبلة كتكلفة مالية. هذا الوضع هو الذي دفع رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني إلى تأكيد انسحابه قريبا، وعدم ترشحه مجددا، وهو نفس الموقف الذي اضطر رئيس الحكومة اليوناني باباندريو إلى اتخاذه مع بروز هاجس انهيار اليونان المالي، رغم سياسات التقشف والدعم الواسع الذي تقدمه الحكومات الأوروبية. وسارعت ايطاليا إلى تبني تدابير تقشفية أثارت استياء الطبقات المتوسطة والفقيرة ودفعت بورصة ميلانو إلى الانهيار أيضا بقرابة 4 بالمائة. وساهمت الأزمة الايطالية في تأثر فرنسا، مع ارتفاع نسب الإقراض للدولة الفرنسية، وارتفاع سعر الفائدة على سندات الخزانة الفرنسية، وهو ما يعني تزايد الشكوك وعدم الثقة في تقديم قروض جديدة للحكومة الفرنسية، والمطالبة بنسب فوائد أعلى من قبل المقرضين لتغطية الشكوك، خاصة وأن فرنسا أصبحت تعتبر من البلدان التي تعاني من عجز في الموازنة وارتفاع للمديونية العمومية التي فاقت 85 بالمائة من الناتج المحلي الخام. في نفس السياق، ساهمت الأزمة في إضعاف الأورو التي نزل تحت مستوى 35, 1 دولار، في وقت أضحى المستثمرون يتجنبون إقراض الدول التي توجد في وضع صعب، خاصة وأنها مجبرة أن تعوض جزءا من ديون البنوك التي مسحتها هذه الأخيرة لليونان، وأضحت هذه الأزمة تثير قلق نسبة 82 بالمائة من الفرنسيين في آخر عمليات سبر للآراء، وهو ما يعكس المخاوف الكبيرة التي تنتاب الأوروبيين من تفاقم الأزمة في أوروبا.