عرفت السوق، مجددا، ندرة حادة في التزود بالحليب، على خلفية تراجع قدرات إنتاج بعض الوحدات الصناعية، نتيجة انخفاض كميات مسحوق الحليب التي استفادت منها، وتوقف أخرى عن الإنتاج ودخول وحدات في إضراب، رغم الارتفاع المحسوس في واردات الحليب هذه السنة. استنادا إلى مصالح الجمارك، فإن قيمة واردات الحليب خلال التسعة أشهر من السنة الحالية بلغت 1.299 مليار دولار مقابل 712 مليون دولار في نفس الفترة من 2010 بنسبة نمو بلغت 72.56 بالمائة، ويرتقب أن تفوق فاتورة استيراد الحليب هذه السنة مستوى سنة 2008 التي بلغت فيها 1.28 مليار دولار، مقابل 862.76 مليون دولار عام .2009 ورغم ذلك، يظل الضغط معتبرا على سوق إنتاج الحليب، على خلفية تراجع كميات مسحوق الحليب التي تستفيد منها الوحدات الصناعية، فضلا عن توقف نشاط أخرى، على رأسها وحدة بن خدة المتوقفة منذ شهرين تقريبا، ما تسبب في مضاعفة الضغط وتأثر عمليات توزيع الحليب وتوفره، علما أن فرع بن خدة ينتج حوالي 117 ألف لتر من الحليب المبستر على شكل أكياس. إضافة إلى ذلك، يسجل اختلالات في إنتاج الوحدات العمومية، حيث أن المجمع الصناعي ''جيبلي'' الذي يضم 19 مصنعا، يمتلك قدرة ب1.4 مليار لتر، يخصص نسبة 87 بالمائة منه لإنتاج الحليب. ويفسر خبراء ومتعاملون في القطاع المشاكل التي يواجهها سوق إنتاج الحليب بالاختلالات المسجلة في توفير مسحوق الحليب، حيث تعرف الكميات التي تمنح للوحدات المنتجة تقلبات، كما أنها لا تغطي نسبة كبيرة من قدرات إنتاج الوحدات. بالمقابل، يشير آخرون إلى تسجيل تجاوزات لدى بعض الوحدات في استخدام كميات الحليب المدعم، وتسريب كميات منها لاستعمالها في إنتاج مشتقات الحليب المربحة أكثر، فيما أشار غيرهم إلى عجز بعض المنتجين على احترام الالتزامات الخاصة بالتزود وتوفير الحليب الطازج أو حليب البقر إلى جانب مسحوق الحليب، كما أقرته وزارة الفلاحة في التدابير المعتمدة لتشجيع استخدام الحليب الطازج. ورغم تعاقد 216 وحدة لإنتاج الحليب مع الديوان الوطني للحليب، إلا أن عددا من مسؤولي هذه الوحدات يشيرون إلى أن الكميات التي توفر لهم غير قارة ولا تفي بالمطلوب، ما يضطرهم إلى تقليص مستوى إنتاجهم وتقليص العرض. وأشار أحد المنتجين من منطقة الوسط ل''الخبر'': ''نعاني من مشاكل منذ بداية السنة بالخصوص، واضطررنا إلى تقليص عدد العمال بسبب نقص المادة الأولية، وكنا نستفيد من حصة تصل إلى 120 طنا، أي ما يعادل 25 بالمائة من قدرات الإنتاج شهريا، لنضمن توفير ما بين 37 إلى 38 ألف لتر يوميا. ولكن الكمية تراجعت بعدها إلى حدود 37 طنا ثم 60 طنا، وهذه الكميات غير كافية. وتفاقمت أزمة الحليب مع توقف وحدة ذراع بن خدة. أما بخصوص إلزام المنتجين بتوزيع منتوجهم على مستوى منطقتهم فحسب، فهي غير محترمة ولم يتم التقيد بدفتر الشروط المعتمد''. ورغم محاولة السلطات العمومية تشجيع استخدام الحليب الطازج من قبل المنتجين واستقدام الأبقار الحلوب، إلا أن مشكل جمع الحليب لا يزال قائما، فإنتاج الحليب يتجاوز 2.7 مليار لتر، إلا أن ما بين 15 إلى 17 بالمائة يتم تجميعها وإدماجها في الإنتاج الموجه للاستهلاك. ويقدر استهلاك الحليب ما بين 3.5 و3.7 مليار لتر، لقطاع يستفيد من دعم يتراوح ما بين 12 و15 مليار دينار، إلا أن الدعم لم يكن فعالا. ويتم توزيع الدعم على أساس 12 دينارا للمربي، و5 دينار لمجمّع الحليب، و4 دينار في اللتر لإدماج الحليب الطازج في إنتاج حليب الأكياس، ليصل السعر للمستهلك إلى 25 دينارا.