قصة فقيد الكرة الجزائرية جمال كدو هي قصة وفاء وعطاء بلا حدود، قدمه ابن القصبة لفريق القلب اتحاد العاصمة وللألوان الوطنية، صحيح أنه لم يكسب الثروة والمال، لم يخلف بعد وفاته سوى شقته البسيطة في حي الينابيع، لكنه كسب بالمقابل احترام وتقدير الجميع. الراحل من مواليد 26 أفريل 1953 في العاصمة، وبحي القصبة بالتحديد، قبل أن يستقر بحي باب الواد الشعبي. هناك كانت أولى خطواته مع كرة القدم من فريق القلب اتحاد العاصمة الذي لعب لأكابره، وهو لايزال في صنف الأشبال، ليخلف نجم الفريق الأسبق بلبكري. عاش الحلو والمر مع الاتحاد ارتبط اسم جمال كدو بفريق اتحاد العاصمة، وارتبط الاتحاد به، وهذا بعد مسيرة طويلة ومشرفة للاعب. لم يبدّل القميص الأسود والأحمر يوما، رغم العروض التي كانت وصلته وقتها، خاصة من فريق شبيبة القبائل. الراحل بقي وفيا للاتحاد، وعاش معه الحلو والمر من خلال النهائيات الأربعة من كأس جمهورية التي خسرها مع الفريق، مع أول كأس سنة 1972 التي ذهبت لفريق حمراء عنابة، كأس 1973 والتي خسرها أمام مولودية الجزائر، كأس 1978 والتي ابتسمت لشباب بلوزداد على حساب فريقه، وأخيرا نهائي 1980 الذي عادت إلى وفاق سطيف، لكن الراحل لم ييأس ليجني ثمرة جهده أخيرا بحمله كقائد للاتحاد كأس الجمهورية سنة 1981 التي تحققت في بلعباس على حساب جمعية وهران. لم يتحمل صدمة السقوط فاعتزل وعرف جمال كدو خلال مسيرته الطويلة كلاعب، سواء مع الاتحاد أوالمنتخب الوطني، باندفاعه وحرارته في اللعب، كما كان أحد هدافي الفريق طيلة تلك السنوات، بفضل قوة ارتقائه في الكرات العالية وتميزه بالخصوص في إحراز الأهداف من خلال المخالفات المباشرة مشكلا مع عبدوش ثنائيا خطيرا. ما أكسبه حب وتقدير أنصار نادي سوسطارة الذين كانوا يرفضون في كل مرة قرار اعتزاله، إلى أن جاءت سنة 1983 بعد تلقي اللاعب والفريق صدمة سقوط النادي إلى القسم الثاني ''ليعلق كدو الحذاء'' بعد أن ناهز الثلاثين. ساهم في ذهبية المتوسط وذهبية إفريقيا كذلك وحمل جمال كدو الألوان الوطنية في أربعين مناسبة، منذ أول دعوة وصلته مع المدرب رشيد عمارة في الثلاثين من جويلية 1973 لخوض مباراة ودية أمام إحدى الأندية الروسية، إلى آخر ظهور مع المدرب رشيد مخلوفي في جويلية من شهر 1978، والمواجهة الودية أمام منتخب العراق. خلال هذه الفترة ساهم كدو في لقبين هامين في مسيرة الكرة الجزائرية، وهما ذهبية الألعاب المتوسطية سنة 1975 في الجزائر، حيث كان أحد ركائز تشكيلة المدرب مخلوفي التي حققت أول ألقاب الجزائر المستقلة، ثم ثلاث سنوات بعد ذلك مع ذات المدرب والتتويج، في الجزائر دائما، بذهبية الألعاب الإفريقية. كأس الجزائر كمدرب قبل الرحيل علاقة جمال كدو باتحاد العاصمة لم تنقطع بتعليق للحذاء سنة 1983، بل امتدت إلى مجال التدريب، حيث خطا أول خطواته مع الفريق سنتين بعد اعتزاله، عندما تم تعيينه مع مصطفى أكسوح على رأس العارضة الفنية للفريق، في مهمة قيادة أبناء سوسطارة للعودة إلى الدرجة الأولى، مهمة وفق فيها الراحل بامتياز، أكثر من هذا تمكن موسم 1988/1987 بمجموعة من اللاعبين الشبان، ضمت أسماء حاج عدلان، بن فانة، مواسي وغيرهم من تحقيق ثاني ألقاب الاتحاد في مسابقة كأس الجمهورية على حساب أندية عريقة مثل مولودية وهران وشباب بلوزداد. سنة بعد ذلك يقرر مغادرة الفريق بعد تردي النتائج، وكان ذهابا من غير رجعة. الباب أُغلق في وجهه قبل أن يفتحه حداد كل هذا العطاء للاتحاد قابله جحود كبير من مسؤولي الفريق السابقين، ممن أغلقوا الباب في وجه فقيد الكرة الجزائرية، ورفضوا حتى منحه فرصة خدمة فريقه من جديد، ما أجبر كدو على التنقل في مختلف الأندية الصغيرة مثل عين البنيان، الرويبة، وغيرها مع تجربة قصيرة مع منتخب الوطني للأواسط. كما عمل، أيضا، لفترة قصيرة مع المدرب عبدالحميد كرمالي في المنتخب الأول، ليعود في آخر أيامه مع المالك الجديد لاتحاد العاصمة، علي حداد، للعمل كمسير هذه المرة في مهمة إنقاذ الفريق من السقوط الموسم الماضي، لكن القدر لم يمهله كثيرا بعد اكتشافه المتأخر لإصابته بمرض السرطان، ليفارق الحياة، أول أمس، بعيادة شهرازاد، وهو لم يتعد 58 سنة. عبد الوهاب زنّير ''فقدت أخا وصديقا'' قال عبد الوهاب زنير، اللاّعب الأسبق لمولودية الجزائر بأنه فقد أخا برحيل جمال كدّو. وأوضح المتحدث، وعلامات التأثر بادية على وجهه، ''هذه هي مشيئة الله، لقد فقدنا معلما في كرة القدم، وقد عرفته في المنتخب الوطني وفي الخدمة الوطنية، والتقينا فوق أرضية الميدان، إنه شخص مثالي وله أخلاق عالية، لقد فقدت فعلا أخا وصديقا''. حاج عدلان ''من الصعب تعويضه'' قال حاج عدلان بأن الجزائر فقدت معلما كبيرا من الصعب تعويضه. وأضاف بتأثر كبير ''كان يحب الشبان كثيرا، وكان دائما يساعدهم، وبفضله لعبت في الفريق الأول. لقد أكد لي أنني أملك المؤهلات لألعب في أعلى مستوى''. مشيرا إلى أنه ''لولا جمال، لما تمكّنت من شق طريقي في عالم الكرة''. وأوضح ''سأفتقد جمال كثيرا، لقد خسرنا رجلا كبيرا، ربي يرحمو''. بوخالفة برانسي ''فقدت نصف عمري برحيل جمال'' بدا بوخالفة برانسي، مدرّب حرّاس اتحاد الجزائر، متأثرا جدّا لرحيل جمال كدّو، وقال بأن الجزائر خسرت معلما كرويا. وأضاف ''عشت مع جمال لأكثر من 40 سنة، وقد خسرت نصف عمري برحيله. لقد كان بسيطا ورائعا، وكان لاعبا كبيرا ومدرّبا محترما، وقد عاد إلى فريقه الأبدي اتحاد الجزائر قبل أن يرحل عنّا للأبد''. حسان كدّو (الشقيق الأكبر للمرحوم) ''جمال كان منقسما بين المسجد والعائلة'' قال حسان بأن شقيقه جمال معروف بأخلاقه وحبّه للرياضة، وتعلّقه باتحاد الجزائر. مضيفا ''جمال شقيقي كان محبوبا من طرف الجميع. لقد كان لاعبا موهوبا، وكان بمقدوره اللّعب في أوروبا. وبعد نهاية مشواره كلاعب، درّب عدة أندية، وظل متعلقا بالاتحاد، وكان منقسما بين أداء الصلاة في المسجد وبين عائلته''. عميروش لعليلي ''لم نعرف قيمة جمال'' صرّح عميروش لعليلي، اللاّعب الأسبق لاتحاد الجزائر، بأنه عرف جمال كدّو كلاعب وكمدرب ''فقد لعبت معه لموسم واحد، ثم أشرف عليّ كمدرّب، ونلنا معه كأس الجزائر. وللأسف خسرنا لاعبا ومدربا لم نعرف قيمته''. جلال كدّو (الابن الأكبر لجمال) ''بابا مات راجل'' قال جلال كدّو الابن الأكبر للمرحوم جمال (له ثلاثة أبناء وبنتين)، بأنه يشعر بالفخر، حين يتم الحديث عن والده بكل خير. وقال جلال ''الحمد لله، بابا مات راجل، كل من يحدثني عن والدي، يؤكد لي بأنه كان مثاليا. لم أعرف والدي كلاعب، لكنني أعلم بأنه مثالي ويحب كرة القدم واتحاد الجزائر''. عبد الحميد برحمة ''كان مطلوبا في أوروبا'' قال عبد الحميد برحمة اللاّعب الأسبق لاتحاد الجزائر بأن جمال كدّو كان قادرا على حمل ألوان أكبر الأندية الفرنسية. وأضاف ''علمت في وقت سابق بأن نادي سانت إيتيان طلب خدماته، وحتى باريس سان جرمان، لكن قانون تحديد سن ال 28 عاما للاحتراف حال دون تنقله''.