نظرت غرفة الاتهام بمجلس قضاء عنابة في قضية تبديد أكثر من 200 مليار بالتعاونية الفلاحية الجهوية ''كارسكي''، ويقدر عدد المتهمين في هذه القضية ب12 متهما، وقد تم في السنة الماضية وضع كل من الرئيس السابق والمدير السابق رهن الحبس المؤقت. وتتوزع التهم الموجهة لهؤلاء، وجميعهم من المسيرين السابقين للتعاونية بين جناية التهرب الضريبي، وخيانة الأمانة، واختلاس وتبديد أموال عمومية وخاصة، وجنحة الإهمال الواضح المؤدي إلى ضياع أموال خاصة. وأفادت مصادر عليمة بأن التحقيق الذي قامت به فرقة الأبحاث والتحري للدرك الوطني كشف عن تهرب ضريبي للتعاونية بكل من الطارف وعنابة بقيمة 37 مليارا، وتقدر مستحقات بنك الفلاحة والتنمية الريفية ب96 مليارا، في حين تدين مصالح الضمان الاجتماعي بعنابة للتعاونية بمبلغ عشرة ملايير، والمصالح ذاتها بالطارف بمبلغ 665 مليون سنتيم. وكشف التحقيق عن وجود تلاعبات كثيرة مع عدة شركاء، كبّدت التعاونية الملايير، كما هو الحال مع شركة خاصة للحبوب، وكذا شركة التعليب بعزابة بما مجموعه 16 مليارا. واحتوى ملف هذه القضية على وقوع اختلاس في أموال فلاحين من عنابة والطارف، أودعوا منتوج الطماطم سنة 2000 إلى يومنا هذا بقيمة تفوق مليارين، ولم يتحصلوا على مستحقاتهم بعد. وأشارت المعلومات المستقاة إلى أن المسيرين السابقين قاموا بتفكيك وبيع جميع عتاد وممتلكات مصانع تابعة للتعاونية؛ منها مصانع تحويل الطماطم والقطن والتبغ بعنابة، ومصنع مكمل لمصنع التبغ، يوجد على مساحة 5,4 هكتار بالذرعان. وجاء في تلك المعلومات أيضا أن هؤلاء المسيرين قاموا كذلك بتحويل حوالي 60 مستودعا للتعاونية، وتغيير نشاطاتها من فلاحية إلى تجارية محضة، حيث فتحت مكانها محلات لبيع الخمور بالجملة والتجزئة، وأخرى تم تأجيرها لوكلاء بيع السيارات، ونشاطات أخرى. وأضافت المعلومات ذاتها أن التعاونية تملك عدة شقق وفيلات بمدينتي عنابة والذرعان، وكذا مساحات أرضية في ميناء عنابة وقطع أخرى في منطقة الطاباكوب بعنابة، منحت بطرق مجهولة، واستولى عليها أشخاص دون وجه حق، ناهيك عن الفساد الذي لحق بمصنع الطماطم ببوثلجة، الذي تم تأجيره لأحد المستثمرين الأتراك بموجب اتفاقية أداء خدمات، لكن في مضمونها كراء المصنع بمبلغ زهيد لا يتجاوز 800 مليون سنويا. وورد في تلك المعلومات أن هذا المستثمر كان يقوم باستيراد عصير الطماطم المركز من تركيا والصين، ما يعد ضربا للاقتصاد الوطني، حيث تقلص عدد الفلاحين الذين كانوا ينقلون منتوجهم إلى هذا المصنع مما يزيد عن 500 فلاح إلى نحو 20 فلاحا فقط، كما كبد مصالح الضرائب بمبلغ يتجاوز 14 مليارا، على اعتبار أنه سدد الضرائب في السنة الأولى فقط. وفي هذا السياق، تؤكد مصادرنا أن هذه التعاونية التي تضم 1002 عضو منخرط، تحوز على عقود الملكية لجميع العقارات الثابتة والمنقولة السالف ذكرها، مضيفة أن المسيرين السابقين لم يكتفوا بذلك، بل قاموا سنة 2006 بتأجير المقر الاجتماعي للمديرية العامة للتعاونية بعنابة لفائدة أحد الخواص لبيع المواد الغذائية بالجملة، وحولوا سياراتهم إلى مكاتب متنقلة لتسيير الأعمال الإدارية والمحاسبية.