أقيل الرئيس المدير العام لسوناطراك وجيء بآخر على رأس هذه الشركة التي تمثل لوحدها 97 بالمائة من مداخيل الدولة الجزائرية ب''العملة الواعرة''، وليس بالدينار فقط. ومن حق الجهات الوصية أن تختبر من تراه كفؤا ونزيها للجلوس على كرسي سوناطراك، لأن ''خبزة'' الجزائريين مربوطة كليا بما تدرّه هذه الشركة من نتائج وأرباح. ولأن الأمر كذلك فإنه من حق الجزائريين معرفة كل كبيرة وصغيرة حول ما يجري ويدور بمحيط سوناطراك وداخلها، حتى لا يستيقظ الجزائريون ذات صباح على كابوس جفاف آبار البترول في الصحراء. كان يمكن عدم طرح السؤال لو كان الأمر يتعلق بشركة لإنتاج ''القازوز'' أو ''القفريط'' أو ''المايونيز''، أما أن يحدث التغيير على رأس شركة مثل سوناطراك، فلابد للرأي العام الوطني أن يعرف أسباب إقالة مديرها، خصوصا وأن الإشاعة سبقتها وحوّلتها إلى حقيقة، وكذلك معرفة من هم أصحاب المصالح الذين تحدث عنهم المدير المقال قبل إقالته رسميا، لأن سوناطراك لا يجب في أي حال من الأحوال أن تخدم مصالح أشخاص أو لوبيات فئوية، لكونها مؤسسة عمومية في خدمة مصلحة الشعب الجزائري. ويظهر هذا التغيير الرابع في ظرف 4 سنوات والذي لن يكون لا الأول ولا الأخير، أن سوناطراك لم تخرج من الإعصار الذي دخلت فيه بسبب قضايا الفساد والصفقات التي عصفت برأس شكيب خليل بمعية الرئيس المدير العام السابق، محمد مزيان، كما يكشف أن صراع النفوذ داخل أجنحة الحكم عاد إلى سابق عهده، ويسعى كل منها لأن يكون عصب الحرب، وهو المال، تحت يده، ولا يوجد في هذه الحالة أحسن من ''ولاء'' سوناطراك، التي لها رصيد إيجابي حتى وإن تراجع البترول في البورصات العالمية. ومثلما يمسك الجزائريون ب''ضرع'' البقرة الحلوب سوناطراك، لأنه الوحيد الذي بإمكانه أن يؤمن الجزائريين من الخوف من المستقبل ويطعمهم من الجوع، فإن الماسكين بالسلطة ليس بمقدورهم التمكين لحكمهم من دون أن تكون مفاتيح ضخ البترول وكل صغيرة وكبيرة فيها بأيديهم، وذلك لسبب بسيط أنه لم تنجح أي سلطة منذ الاستقلال إلى اليوم في خلق اقتصاد بديل للمحروقات، ومن ثم فإن كل ''الانتصارات'' التي يتحدث عنها الحكم جاءت بفضل مداخيل النفط وليس بفضل أفكار وبرامج وسياسات. ومن حق الشعب الجزائري أن يطرح ألف سؤال وسؤال عندما يتصاعد الدخان في سوناطراك، لأن خبزته قد تحترق.