تطبيق الرسم على الأرباح بأثر رجعي ساهم في تحفظ المجموعات البترولية اعتبر الخبير الدولي والمستشار السابق لمجمع سوناطراك، الدكتور مراد برور، أن القوانين السارية والمؤطرة لقطاع المحروقات ضاعفت من الأعباء على سوناطراك، خاصة المالية، كما أدت إلى تردد الشركات الدولية من الاستثمار في الاستكشاف، وأن تطبيق الرسم على الأرباح الاستثنائية بأثر رجعي أدى إلى تحفظات الشركات العاملة في الجزائر. وأوضح برور في تصريح ل''الخبر'' بقوله ''لكي نفهم التغيرات التي طرأت على القوانين يجب أن نعلم أن الجزائر قسمت المجال المنجمي إلى كتل، وحينما يطلب من شركة دولية مثلا المساهمة في الاستكشاف، فإن القانون السابق، أي 86/14 الصادر في 1986، كان يمنع منح الرخصة الخاصة بالاستكشاف والبحث والاستغلال إلى الشركة الأجنبية، بل يمنحها لسوناطراك التي تستفيد من حق الامتياز على المساحة، لأن سوناطراك هي التي تمثل الدولة الجزائرية، بعدها ننتقل إلى القانون التجاري، حيث توقع سوناطراك عقد تقاسم الإنتاج، وتقوم الشركة الأجنبية بموجبها بتوفير الموارد المالية والتكنولوجيا للاكتشاف عن النفط والغاز، فإذا لم تكتشف الشركة أي شيء تتحمل تبعات الخسارة. أما في حالة الاكتشاف، فإنها تحصل على مقابل يتضمن كلفة الاكتشاف والأرباح نظير استثماراتها واكتشافها، على ألا يتجاوز 49 بالمائة، بينما سوناطراك تظل مالكة لرخصة الاستغلال. ولاحظ الخبير ''في القانون الجديد لسنة 2005 تغيرت الأوضاع، لأن سوناطراك أصبحت شركة مثل كل الشركات، وكل الشركات يحق لها الحصول على رخصة استكشاف واستغلال. كما أن الشريك الأجنبي مجبر على أن يجعل سوناطراك شريكا، وسوناطراك مجبرة على المساهمة بنسبة 51 بالمائة في تعديل القانون الذي تم في 2006، بدلا عن 30 بالمائة في 2005، بينما لم تكن تساهم ماليا من قبل، وهذا ما شكل عبئا إضافيا على الشركة الجزائرية''. من جانب آخر، قال برور: ''في قانون 86/14 النفط ليس ملكية للشركة الأجنبية إلى غاية نقله في الموانئ، بينما حاليا هو ملك لها مباشرة، وأضيف إلى ذلك عدد من التدابير التنظيمية التي قامت بها سوناطراك وإدخال بنود مرتبطة بالمناقصات، والتي تسمح لسوناطراك من الاستفادة من فترة زمنية يمكن أن تصل إلى 8 سنوات، قبل أن تقرر إذا ما كانت تأخذ حصتها مع الشركة الأجنبية أم لا. كما تم تعديل الترتيبات الجبائية حسب المناطق، وهو أمر لا يناسب الشركات الأجنبية، خاصة في حالة استغلال الغازات الصخرية أو الحجرية مستقبلا''. وشدد الخبير في نفس السياق على القول ''طرحت الرسوم على الأرباح الاستثنائية أيضا مشكلا، مع التأكيد على أن الرسم في حد ذاته قرار سيادي من الجزائر ولا تناقشه الشركات الأجنبية، ولكن المشكل طرح مع تطبيقه بأثر رجعي، وهو ما لا يمكن الدفاع عنه أمام أي محكمة للمنازعات، إذ أن الشركات التي تنتج منذ مدة لا تتقبل تغييرا فجائيا وبأثر رجعي لقواعد اللعبة''. واستطرد برور قائلا ''عدم الاستقرار في القوانين وتغيير قانون المحروقات مرتين في ظرف سنة، بعد أن كان مستقرا لمدة 20 سنة، أدى إلى عزوف الشركات الكبرى والنتائج المحتشمة للمناقصات المتتالية. وأؤكد أن المناقصات ليست الحل بالضرورة، بل يتعين إيجاد صيغة لاستقطاب أكبر الشركات وضمان مزايا ومكاسب متبادلة والاستفادة من التكنولوجية التي توفرها، لأن الوضع الحالي لن يؤدي سوى إلى تكرار نفس النتائج''.