أحالت الغرفة الجزائية لمجلس قضاء وهران النطق بالأحكام في قضية صفقة صهاريج الآزوت، المتابع فيها أربعة إطارات سامية من شركة سوناطراك والمدير العام لشركة ''سفير'' المختلطة، إلى جلسة يوم 7 ديسمبر القادم بعد محاكمة استغرقت ثماني ساعات. هذه القضية سبق أن فصل فيها القطب الجزائي المتخصص بوهران في مارس الماضي، بعد حوالي خمسة أشهر قضاها أربعة متهمين في الحبس المؤقت، متبوعين بالمادتين 26 و29 من قانون مكافحة الفساد، بخصوص الصفقة التي عقدتها مؤسسة سوناطراك فرع المصب، مع الشركة المختلطة ''سفير'' لإنجاز 10 صهاريج لتخزين الآزوت، بمبلغ 62 مليار سنتيم، في المنطقة الصناعية لأرزيو، وهي القضية التي حققت فيها الضبطية القضائية لمديرية الاستعلامات والأمن للناحية العسكرية الثانية، وأحيلت على محكمة أرزيو، قبل أن يتم تحويلها إلى القطب الجزائي المتخصص لوهران. وقد فاجأت شركة سوناطراك المحكمة، عند جدولة القضية في مارس الماضي، حيث صرح ممثلها القانوني ومحاميها أن ''الشركة لن تتقدم بطلبات، وأنها لم تكن صاحبة الشكوى. وأنها لم تتعرض إلى خسائر أو اختلاس'' في هذه القضية. وكانت الصهاريج العشرة حينها في مرحلة رفع التحفظات التقنية الأخيرة، قبل استلامها النهائي. وجرت المحاكمة حينها في أوج النقاش حول الجمود الذي أصاب المؤسسات العمومية الكبرى، بسبب مخاوف المتابعة القضائية في أوساط الإطارات المسيرة بفعل المادتين 26 و29 من قانون مكافحة الفساد. وانتهت تلك المحاكمة بإدانة السيد محمد مزيان، الرئيس المدير العام السابق لسوناطراك، بسنتين حبسا منها سنة نافذة، و500 ألف د.ج غرامة. وأدانت كلا من السادة عبد الحفيظ فغولي، نائب الرئيس المدير العام المكلف بنشاطات المصب، وبن عمر تواتي، المدير العام السابق لشركة ''كوجيز''، وهني مكي، مدير الدراسات بفرع نشاطات المصب بسنة حبسا، منها أربعة أشهر نافذة، وثبتت ضدهم تهمتا إبرام صفقة مخالفة للتشريع وتبديد أموال عمومية، في حين كيّفت المحكمة التهمة الموجهة إلى السيد تيجيني نشنيش، المدير العام لشركة ''سفير'' المختلطة، إلى ''الاستفادة في إبرام صفقة مخالفة للتشريع بناء على المادة 26 الفقرة 2 والمادة 29 من قانون مكافحة الفساد، والمشاركة في تبديد أموال عمومية بناء على المادة 42 من قانون العقوبات''، مع 200 ألف د.ج غرامة مالية لمجموعهم. وقد استأنف هذه الأحكام المتابعون في القضية كما استأنفتها النيابة العامة، لتحال على الغرفة الجزائية، أول أمس، بعد تأجيل واحد. وتميزت هذه المحاكمة، ب''عدم إقحام المحامين للسياسة''، وهو ما وفر لهيئة المحكمة ظروف معالجتها بدون ''تشنج''، كما حدث في المحاكمة الابتدائية، وهذا رغم أنها استغرقت قرابة الثماني ساعات. وإذا كان رئيس هيئة المحكمة، السيد بريكسي، قد ركز في أسئلته على تحديد المسؤوليات فيما يتعلق بمن أمر بعقد الصفقة بالتراضي البسيط بين سوناطراك وشركة ''سفير''، فإن كل المحامين ركزوا على كون سوناطراك لم تتعرض للاختلاس أو التبديد، بدليل أن الصهاريج العشرة تم إنجازها وهي في حالة تشغيل حاليا. وتميزت المحاكمة أيضا بعدم مرافعة ممثل الحق العام الذي اكتفى بالتماس تشديد العقوبات. كما نبه الأستاذ جعفر خدود إلى أن ''سوناطراك ليست إدارة عمومية ومسؤولوها ليسوا موظفين إداريين، إنهم في واقع الأمر تجار يسعون إلى تحقيق أرباح لشركتهم، لا يمارسون مهام إدارية ولا سياسية ولا تنطبق عليهم المادتان 26 و29 من قانون مكافحة الفساد، وخاصة بعد أن خضعت للتعديل، ثم إذا حاسبناهم على تأخير سبعة أشهر في إنجاز الصهاريج العشرة، فإن كل المسيرين الجزائريين يدخلون السجون لأنه لا يوجد في الجزائر مشروع واحد أنجز في الآجال، ونعرف جميعا قصة إنجاز ميترو العاصمة الذي استغرق 30 سنة''.