بإعلان وزير الخارجية، مراد مدلسي، قبول الجزائر ''التفاوض'' مع الاتحاد الأوروبي حول الانضمام لسياسة الجوار، تكون الجزائر قد قطعت سبع سنوات من ترقب الأوروبيين لإمكانية لحاقها ب''الجوار''، قياسا لمواقفها الرافضة ''فرض مسار معين من الإصلاحات السياسية وحقوق الإنسان''. لكن القرار الجزائري جاء في سياق تعديلات على سياسة الجوار نفسها، ما يعفيها من قبول شروط حول كيفية إجراء انتخابات حرة ونزيهة، احترام حرية التجمع والتعبير، تكريس استقلالية القضاء، محاربة الفساد والرشوة، وإصلاح الأجهزة الأمنية. أعلن وزير الخارجية، مراد مدلسي، أول أمس، بباريس، أن الجزائر على وشك الانضمام إلى سياسة الجوار الأوروبية ''الجديدة''، وستباشر قريبا مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي للانضمام إلى هذه السياسة ''في أقرب وقت ممكن''. وأوضح أمام نواب فرنسيين استفسروا لديه حول سبب رفض الجزائر الانضمام لسياسة الجوار الأوروبية رغم إلحاح المجموعة الأوروبية منذ 2004 قائلا: ''لقد قررنا مباشرة مفاوضات تمهيدية (مع الاتحاد الأوروبي) للانضمام في أقرب وقت ممكن إلى سياسة الجوار الأوروبية المجددة''. وأشار الوزير إلى أن قرار الانضمام هذا تم اتخاذه بعد الخيار الذي تبناه الأوروبيون عقب تقييم السياسة بمراجعتها. وأضاف قائلا: ''لقد شاركنا في أشغال تقييم سياسة الجوار الأوروبية كملاحظين، ولاحظنا أن الأوروبيين تبنوا مفهوما جديدا لسياسة الجوار الأوروبية المجددة، يسمح لكل بلد بوضع برنامج تجاه الاتحاد الأوروبي يتطابق واحتياجاته''، مؤكدا أن هذا المفهوم الجديد لسياسة الجوار الأوروبية المجددة ''يمنح الآن لبلدنا كل الفرص للانضمام''. وقصد مراد مدلسي ما بات يسمى ب''المساعدة عند الطلب''، وهو خيار جديد تبناه الأوروبيون بعد ملاحظتهم تحفظات من بعض الدول رأت في شروط الانضمام لسياسة الجوار ''قبول إملاءات وقبول تدخل في الشأن الداخلي''، وبالتالي فإن لحاق الجزائر بالسياسة الأوروبية سينعكس على ملفات سياسية وحقوقية وفق ما تطلبه الجزائر نفسها. وأعاب المسؤولون الجزائريون على الصيغة الأولى لسياسة الجوار ''تدخلا في تحديد مسار الإصلاحات السياسية وحقوق الإنسان في البلاد''، حيث تشترط سياسة الجوار سابقا فرض مسار لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، احترام حرية التجمع والتعبير والصحافة، تكريس دولة القانون واستقلالية القضاء، محاربة الفساد والرشوة، وإصلاح الأجهزة الأمنية. ولم يغفل مدلسي التأكيد أن التغيير الذي حدث على السياسة الأوروبية وراء قبول الجزائر، قائلا: ''لهذا السبب قررنا الآن مباشرة مفاوضات تمهيدية للانضمام في أقرب وقت ممكن إلى سياسة الجوار الأوروبية المجددة''. وكانت الجزائر، التي وقعت على اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي سنة 2002، قد أبدت تحفظا إزاء انضمامها لسياسة الجوار الأوروبية، معتبرة إياها ب''الملزمة''، وعادة ما يشتكي أوروبيون، في كواليس الاتحاد الأوروبي ببروكسل، من ''ثقة الجزائر في نفسها في رفض الاتفاقية واستعمالها لنفوذها النفطي في إسكات دول أوروبية مؤثرة''. وفي ماي الماضي، قررت الجزائر إنشاء لجنة مشتركة حول المسائل السياسية والأمنية وتلك المتعلقة بحقوق الإنسان مع الاتحاد الأوروبي، بحضور المفوض الأوروبي المكلف بتوسيع سياسة الجوار، التشيكي ستيفن فولن. ويشاع أن الجزائر اشترطت سحب ''منطق الأبوية'' المستعمل من قبل الاتحاد الأوروبي قبل توقيع أي اتفاق، حيث تستند سياسة الجوار الأوروبية على خطة عمل تعرض فيها أولويات كل من جيران الاتحاد الأوروبي في الميادين السياسية والاقتصادية والأمنية.