قال إيريك جوفري، إن العالم الإسلامي انفصل عن الممارسة الصوفية وارتبط بممارسات دينية متطرفة، ونتج عن ذلك تراجع ملحوظ على مستوى الحريات الفردية ومكانة المرأة وحرية التعبير. قدم الباحث الفرنسي المتخصص في شأن الصوفية والإسلام، في المحاضرة التي ألقاها أول أمس بالمركز الثقافي الفرنسي بالجزائر العاصمة، تعريفا للصوفية لخصه في كونها منهجا أو طريقا يسلكه العبد للوصول إلى الله، أي الوصول إلى معرفته والعلم به، وذلك عن طريق الاجتهاد في العبادات واجتناب المنهيات وتربية النفس وتطهير القلب من الأخلاق السيئة والتحلي بالأخلاق الحسنة. وأوضح جوفري أن المنهج يستمد أصوله وفروعه من القرآن والسنة النبوية، فأصبح علما يسمى علم التصوف أو علم التزكية أو علم الأخلاق، فألّفوا فيه الكتب الكثيرة بيّنوا فيها أصوله وفروعه وقواعده، ومن أشهر هذه الكتب: قواعد التصوف للشيخ أحمد زروق، وإحياء علوم الدين للإمام الغزالي والرسالة القشيرية للإمام القشيري، مضيفا: ''وانتشرت حركة التصوف في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة''. ويعتقد جوفري أن تراجع الممارسة الصوفية في العالم الإسلامي اليوم، أدى إلى انتشار ''ثقافة الممنوع والمحرم''. وقال: ''حدث هذا رغم أن إنسانية الديانة الإسلامية تندرج ضمن تصور عالمي وكوني واسعين، وهذا التصور يمنح الإنسان مكانته في علاقة ديناميكية بين الحرية والمسؤولية، وبين الحقوق والواجبات''. ويسمي جوفري إنسانية الإسلام بالروحية، لأنه يمنح الإنسان تلك القدرة على فرض ذاته ضمن مشروع إنساني واسع. وقال: ''الإنسان في الإسلام عبارة عن عدم دون الوجود''. وأرجع جوفري أسباب تخلف العالم الإسلامي إلى التراجع الذي حصل في علاقته مع النظرة والممارسة الصوفية أو ما يسميه ''الإسلام الصوفي''. وتلتقي الممارسة الصوفية وفق ما جاء في محاضرة جوفري عند كثير من الأفكار التي وردت في الفلسفة الغربية. موضحا بأن الصوفية قادرة أن تشكل اليوم ممارسة دينية لمقاومة كل أشكال التطرف في العالم الإسلامي.