صدر كتاب تحت عنوان ''مغربلو الرمل.. الأوراس النمامشة (19541959)''، يروي فيه محمد العربي ماداسي بالتفصيل، خبايا الحرب الموازية التي كانت تدور بين الإخوة الأعداء للاستحواذ على قيادة المنطقة. وجاء في المؤلف الذي وقع في 363 صفحة، أن حربا صامتة نشبت بعد اعتقال بن بولعيد، وقد ذهب هذا الأخير في مهمة إلى البلدان العربية بحثا عن الأسلحة التي وعد بها قادة الثورة في الخارج. وقبل سفره عيّن شيحاني بشير ليخلفه خلال فترة غيابه، وأوصى الآخرين بالسمع والطاعة واحترام ذاك الرجل المثقف والصارم، وكان عجول عجال ينوبه، فتقاسم الرجلان الريادة. ويضيف الكاتب بأن عمر بن بولعيد دخل الحلبة وفرض نفسه كوريث، فأحدث أول خلاف بين قادة منطقة الأوراس، ووقعت معركة الجرف التي كانت الفاصلة، حيث أسست لجيش بمعنى الكلمة، وترتب عنها تبادل التهم، بين شيحاني وعجول وعباس لغرور وغيرهم، فتشابكت المصالح بين عجول وعباس لغرور، ليتخلصا بعدها من شيحاني بتهم باطلة ثم قتلوه، واستحوذ عجول على الحكم. كما سلط صاحب الكتاب الضوء على تمكن مصطفى بن بولعيد من الفرار من سجن الكدية بقسنطينة وعودته إلى الأوراس، فلم يجد أثرا لشيحاني الذي اغتيل في غيابه، بل وقام عجول بإبعاد القائد الأصلي لمنطقة الأوراس عن الحكم، فامتثل بن بولعيد للتعليمات التي أسسها بيده، والتي تقضي بوضع القائد تحت الرقابة في حال فراره من السجن. وشيئا فشيئا أعاد نفوذه وأصبح القائد الفعلي للمنطقة، ثم توفي في حادثة جهاز الاتصال، فنشبت الصراعات من جديد بين القادة. وبالموازاة مع النعرات من أجل المنصب، كانت الحرب ضد العدو متواصلة، وفقد عجول نفوذه بسبب عمر الذي كان يتهمه في مقتل مصطفى، وعُقد مؤتمر الصومام في غياب تمثيل الأوراس، بل تنقل عمر بن بولعيد إلى إفري ولم يشارك في المؤتمر. كما تحدث الكاتب عن إيفاد قيادة الثورة عميروش إلى الأوراس، لحل النزاع القائم بعد وفاة بن بولعيد. فصار عميروش، الذي وقع تحت تأثير عمر، يستنطق عجول في حيثات مقتل بن بولعيد، ثم تورط عميروش الحكم في محاولة اغتيال عجول الذي نجا بأعجوبة ثم سلم نفسه للعدو. هكذا تواصل النزيف في الأوراس في الحرب الصامتة بين القبائل، ساهم فيها عميروش بقسط كبير. صاحب الكتاب قام بجمع شهادات القادة، مثل عجول (توفي في 1992) وحاج لخضر وبيشا (بوسنة) وكثير من الأسماء التي ساهمت من قريب أو من بعيد في تغذية الصراعات.