أثّر رحيل أحد أعمدة الأغنية القبائلية، شريف خدام، أول أمس، على الساحة الفنية الجزائرية وعلى نفسية الفنانين، كونه أحد أعمدة الأغنية الجزائرية والقبائلية تحديدا، ليشهد له الكل بعطاءاته اللامتناهية وكرم أخلاقه وفضله على العديد ممن ولجوا ميدان الفن عبر بوابة حصته ''فنان الغد''.. يرحل شريف خدام ليكون أفول نجم جديد من نجوم الأغنية الجزائرية. الفنانة القبائلية نوارة: ''كان بعيدا عن النعرات الجهوية'' رحيل عبقري الأغنية القبائلية شريف خدام، بمثابة انطفاء شمعة لطالما أنارت درب الفنانين، فهو رجل عظيم وفنان مقتدر، عرفته منذ سنة 1963، وكنت آنذاك في السابعة عشرة من عمري، وقتها اختارني لأكون ضمن جوق الإذاعة الوطنية، بقيادة معمر عماري. كل من عرف الرجل على دراية بكرم أخلاقه ونبله، لم أره يوما غاضبا أو منفعلا، فقد كان هادئا جدا، ولم يسمع له لفظ قبيح أبدا، وكان يحزّ في نفسه كثيرا أن يرى شخصين متخاصمين. شريف خدام كان أبا للجميع وصديقا للكل، كما كان بعيدا كل البعد عن النّعرات الجهوية، ولطالما أحبه الجميع واحترموه، رحمة الله عليه. الحسناوي أمشطوح: ''كلما يتوفى فنان أتوفى معه'' كلما يتوفى فنان أتوفى معه.. شريف خدام رجل وفنان كبير، أعطى الكثير للساحة الفنية الجزائرية، ولم يستثن من ذلك الأغنية الوطنية التي أغدق بعطاءاته فيها، لكن الرجل كان دوما مهمشا كغيره من الفنانين الذين ماتوا ويموتون ببطء، وهو حال خليفي أحمد الذي يصارع المرض في صمت. عرفت شريف خدام سنوات السبعينيات، وتحديدا سنة 1975، عندما دعاني إلى حصة ''فنان الغد''، وآخر مرة التقيته فيها كانت سنة 2003، في تظاهرة ''سنة الجزائربفرنسا''، بقاعة ''الكباريه سوفاج''، حيث تمت دعوته وتكريمه، وكان آنذاك تعبا جدا، يصارع المرض. ما يحز في نفسي أكثر هو أنه كان مهمشا، واليوم برحيله تسلط كل الأضواء عليه، إلا أنه وبعد فترة وجيزة سينسى من جديد ويدخل طي النسيان ويصبح في خبر ''كان''، وأستغل الفرصة لأدعو إلى الاهتمام بالفنان قبل فوات الأوان، فهو يعاني نفسيا وجسديا. رحم الله فقيدنا وأسكنه فسيح جناته. بوعلام شاكر: ''هو فنان عالمي ووطني'' خسرت الجزائر بوفاة شريف خدام، أحد معالم أغنيتها على العموم، ولا أقول الأغنية القبائلية فقط، لأنه ترك تراثا وطنيا وعالميا، فموسيقاه عالمية. كنت أعرف أنه مريض.. والرجل وطني ومحب للجزائر. كانت لي فرصة التعرف عليه عن قرب عندما كان يعد حصة ''اشناين ازكا'' في الإذاعة الوطنية القناة الثانية، كما أنني تعرّفت عليه أيضا في بداية السبعينيات، وكان يقود الأوركسترا، وكنا إذا أحضر أي أحد أغنية جديدة يمرّ عليه، فيصحح الكلمات وينظر في الموسيقى ثم يحيله على أوركسترا من بين الثلاثة التي كانت موجودة. ما أعجبني دائما في هذا الرجل أنه كان لا يجامل مع الفن والموهبة، ويقول الحقيقة في الوجه ومن يجده جادا يساعده وينصحه، كان أبا وأخا أكبر، رحمة الله عليه. بوجمعة العنقيس: ''درس الموسيقى وجدد في الأغنية القبائلية'' عكس الكثيرين من فناني الأغنية القبائلية الذين تعلموا الموسيقى أو الأغنية بالسمع، فقد درس الفنان شريف خدام الموسيقى على أصولها، وخاصة الحديثة منها، ووظفها في التأليف الموسيقي فأحدث التجديد، وكانت موسيقاه ذات بعد عالمي وعصري. أما على الصعيد الشخصي، فقد كان محبوبا كثيرا في الأوساط الفنية، ويتسم، حسب ما يقال عنه، بالأخلاق العالية والصرامة في العمل، وكنت أنا من محبيه، لأنه إنسان بمعنى الكلمة، رغم أننا لم نلتق أبدا لا في حفلات ولا في جولات فنية، فطابعانا الغنائيان مختلفان، كما أنه لم يكن له نشاط كبير في العاصمة، وأغلب حفلاته في فرنسا، لكنه يبقى مغنيا جزائريا ووطنيا عاشقا للجزائر، رحمة الله عليه.