توفي المغني والشاعر والملحن القبائلي شريف خدام عن عمر يناهز ال85 سنة بعد صراع طويل مع مرض القصور الكلوي، أول أمس الإثنين، بمستشفى باريس (فرنسا). وبرحيل خدام فقدت الأسرة الفنية الجزائرية عامة والقبائلية خاصة أحد أهم أعمدة الفن الذي كان مدرسة بكل معنى الكلمة، حيث عرف بأدائه للأغاني الوطنية، ولعل أغنية ''الزاير إنشاء اتحلوظ'' أي بمعنى ''الجزائر إنشاء الله ستشفين'' خير دليل على حبه الكبير لوطنه. ويعتبر الفنان القدير شريف خدام من أكثر المطربين شعبية واحتراما على الصعيدين الداخلي والخارجي، حيث أحب الفن منذ أن كان صغيرا وأمضى حياته في إثراء الفن الجزائري بأغانيه الهادفة وزادتها رونقا الموسيقى الجميلة التي جعلت منه عميد الأغنية القبائلية إذ أنه أول من قام بإدخال الآلات الموسيقية الحديثة على الغناء القبائلي. الفنان شريف خدام ابن قرية آيت بومسعود الواقعة ببلدية افرحونان،(60 كلم عن تيزي وزو) من مواليد جانفي سنة 1927 وشاءت الأقدار أن يفارق الحياة في نفس الشهر تاركا وراءه إرثا فنيا سيخلد ذكراه، كان في صغره يحب تعلم القرآن الكريم وتعاليم العقيدة السمحاء، حيث بدأ تكوينه الديني بالمدرسة القرآنية لقريته لينتقل إلى زاوية بوجليل بولاية بجاية التي أهلته ليكون إماما، غير أنه انتقل فيما بعد إلى العاصمة وبعدها قرر التوجه إلى فرنسا للبحث عن عمل ككل شاب يسعى إلى تحقيق طموحاته وكان ذلك في عام ,1947 ولم يكن ابن قرية آيت بومسعود يعرف شيئا عن الموسيقى وخلال تواجده بفرنسا احتك ببعض الفنانين ليكتشف خلالها دا شريف ميوله للفن والموسيقى التي تخفي الكثير من النجاحات. وأنتج الفنان شريف خدام طيلة مشواره الفني أغان وألبومات متنوعة تدعو كلها إلى حب الوطن، منها ما أصدرها بعد الاستقلال وأشهرها ألبومه ''دزاير تمورثو ''( الجزائر وطني) والذي لاقى نجاحا باهرا في الجزائر ومازال مسموعا إلى اليوم، التحق في 1963 بالقناة الإذاعية الثانية أين نشط حصة موجهة لاكتشاف المواهب الجديدة، ولقد كان لحصته الفضل في ظهور وبروز عدة مواهب أصبحت حاليا حناجر ذهبية منها: الفنان القدير لونيس أيت منقلات، إيدير، فرحاث إيمازغن إيمولا، وغيرهم.وقضى دا شريف مسيرته الفنية في الجمع بين التراث والحداثة بإدخال الآلات الموسيقية الحديثة على الأغنية لقبائلية، التي خدمها بكل روحه وأحبها بجوارحه، ورحل تاركا بصماته بسجل عمالقة الموسيقى ليس الجزائرية فحسب وإنما في العالم كله. وعلى إثر هذا المصاب، الجلل، بعثت وزيرة الثقافة السيد خليدة تومي برسالة تعزية لعائلة الفقيد جاء فيها ''بقلوب راضية بقضاء الله ومؤمنة بقدره تلقينا خبر المصيبة التي أصابت أسرة الفن والثقافة وأحزنت قلوبنا وغمرتها بالحسرة على إثر وفاة المغفور له الفنان الكبير شريف خدام رحمه الله''. وأضافت وزيرة الثقافة أن المرحوم جسد أفضل نموذج للفنان المبدع والمؤلف الموسيقي المتميز والمجدد، حيث كان يحركه شعور عميق بواجب الحفاظ على تراثه اللغوي وتثمينه، معتبرة أن الفن الموسيقي الجزائري يدين له بالكثير ويبقى رحيل شريف خدام خسارة كبيرة للعائلة الفنية الوطنية وللوطن ككل.