استبعد موسى تواتي، رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، فوز من وصفهم ب''الأحزاب الدينية'' في الانتخابات بالجزائر، على شاكلة سيناريو دول الجوار، لأنهم، كما قال، ''مشتتون''. ورشح تواتي أن يفوز حزبه بالمرتبة الأولى لو جرت الانتخابات في شفافية وصوّت الجزائريون بقوة فيها، مبرزا تصارع جهتين هما أصحاب الشكارة وأصحاب المبدأ على التشريعيات المقبلة. وانتقد تواتي الإدارة التي تريد التدخل في شؤون الأحزاب الداخلية ونفا وجود منشقين أو''تصحيحية'' في الأفانا، بل هناك مفصولون لأسباب انضباطية ليس إلا. واتهم رئيس الأفانا الحكومة ببيع حقول النفط وقال إن إقالة الوزير الأول أحمد أويحيى على سبيل إبعاده عن تنظيم العملية الانتخابية، لا يوفر بالضرورة احترام إرادة الناخبين. تواتي يطالب بأن تبتعد عن أداء دور لجنة مراقبة الانتخابات ''الحكومة متحزبة وإبعاد أويحيى ليس ضمانا للشفافية '' ستكون الانتخابات التشريعية المقبلة نزيهة وشفافة، حسب موسى تواتي، إذا اكتفت الحكومة بدورها في توفير الشروط اللوجستية لإجرائها في ظروف حسنة. وقال إن حزبه لن ينخرط في مطلب إقالة الحكومة الحالية لتعويضها بحكومة تكنوقراطية، ''لأن ذلك لا يقدم بالضرورة ضمانا أكيدا على شفافية الاقتراع''. وذكر موسى تواتي الذي نزل ضيفا في ''فطور الصباح'' ل ''الخبر''، بأن الجبهة الوطنية الجزائرية، تطالب بأن ينحصر دور الحكومة في تنظيم الانتخابات ماديا فقط وأن ''تبتعد عن أداء الدور المنوط باللجنة السياسية لمراقبة الانتخابات وتكتفي بالدور التقني فقط. لكن الشيء الثابت أن الحكومة لا تريد تأدية المهمة المطلوب منها، لأنها متحزبة لجبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم''. وتوجد قناعة لدى رئيس ''الأفانا''، بأن الخارطة التي ستفرزها انتخابات البرلمان، سيكون فيها الأرندي الفائز الأول يليه الأفالان. هذا الاحتمال، يكرّسه، حسب تواتي، ''إصرار الحكومة على لعب دور الآمر والناهي والمسيّر والمنظم للانتخابات، ولكن إذا أقبل الجزائريون بكثرة على مكاتب الاقتراع سوف لن يكون في المقدمة لا الأرندي ولا الأفالان وإنما الأفانا''. ويبدو تواتي جادا في اعتقاده بأن حزبه سيحصد الأغلبية لو لم تتدخل السلطة لتحديد توجهات الناخبين''. وأوضح رئيس الجبهة الوطنية، بأن ما يهمه هو الطريقة التي ستسير بها الانتخابات وأن إقالة الوزير الأول أحمد أويحيى على سبيل إبعاده من تنظيم العملية الانتخابية، لا يوفر بالضرورة احترام إرادة الناخبين ولا الإنصاف في التعامل مع كل المرشحين. للتذكير، استبعد أويحيى تغيير الحكومة، على أساس أن موعدين انتخابيين تشريعيين نظمتهما حكومة قادها أمينان عامان للأفالان، دون أن يثير ذلك، حسبه، مخاوف من تزوير الانتخابات. قال إنها ''تشجع على العزوف لأنه يخدمها'' ''السلطة تحضّر لمرحلة انتقالية جديدة '' اتهم موسى تواتي السلطة ب''تحضير الجزائريين لنسبة عزوف كبيرة عن الانتخاب''، بحجة أنها ''تدري بأنها لا تملك مصداقية عند الجزائريين، وبالتالي فهي عندما تلح على الدعوة إلى الانتخاب تعرف بأن الجزائريين سيفعلون العكس''. وعلَّق تواتي على الدعاية الانتخابية التي تقوم بها الحكومة عن طريق الرسائل الهاتفية القصيرة، بقوله إن السلطة ''تلوّح منذ مدة للمقاطعة وهي تفعل ذلك عمدا، لتصب أصوات المقاطعين في حساب أحزابها''. مشيرا إلى أن الهيئة الناخبة تتألف في أحسن الأحوال من 19 مليون ناخب، فيما تقول المصادر الرسمية إنها تصل إلى 21 مليون مسجل. ويعتقد بأن الفارق الكبير في عدد المسجلين، سيمثل الحجم الذي تواجه به السلطة ظاهرة العزوف. وأضاف تواتي في نفس الموضوع: ''السلطة تحضّر لإفادة الأحزاب شبه الوطنية من 4 ملايين صوت، وليست الحملة بالرسائل الهاتفية القصيرة هي ما يثبت جدية السلطة في إقناع المسجلين في قوائم الانتخاب بالتصويت. في حين أن ما يثبت جديتها، أن تبتعد عن توجيه مراقبي الانتخابات وعن الضغط على لجنة القضاة التي سيتم تنصيبها، فهذه أحسن رسالة يمكن أن تبعثها وزارة الداخلية إلى المشتركين في شبكة الهاتف النقال''. وأضاف: ''عندما يرى المواطن بأن اختياره لا يحترم في كل موعد انتخابي، يفقد الأمل في التصويت فيقاطع الاستحقاقات. والعزوف في النهاية يخدم السلطة التي تدرك جيدا أنها منبوذة وتحضّر لمرحلة انتقالية جديدة كي تبقى مهيمنة، ومبررها في ذلك أن إحجام الجزائريين عن التصويت لا يترك حلا آخر سوى بقاء نفس المسؤولين في أماكنهم''. اتهم السلطة بمحاولة الاستحواذ على الحزب ''الأفانا تزعج الكثيرين وعلى التقويميين أن يقوّموا أنفسهم أولا'' هوّن موسى تواتي من قيمة الحركات التصحيحية التي قادها بعض المفصولين من الحزب، لبث عدم الاستقرار داخل صفوف مناضلي الجبهة الوطنية الجزائرية. وقال إن خطاب الحزب يزعج الكثيرين، ولم يستبعد تحرك هؤلاء بإيعاز من جهات في السلطة تسعى للاستحواذ على الأفانا، كحزب وليس كأفراد، حتى تركبه. نفى تواتي وجود حركة تصحيحية داخل حزبه وقال إن كل ما هناك، أن 28 عضوا تم فصلهم من الحزب لأسباب انضباطية بحتة، كعدم دفع الاشتراكات والتغيب عن دورات المجلس الوطني دون عذر، وبالتالي مثلما ذكر ''لا توجد تقويمية ولا هم يحزنون عندنا في الأفانا''، معلنا في هذا السياق ''الذين يدّعون أنهم تقويميون عليهم تقويم أنفسهم أولا''. وسجل تواتي بأن هناك ''عدم احترام لقانون الأحزاب من طرف الإدارة''، في إشارة إلى محاولات تدخلها في شؤون الأحزاب، داعيا هذه الأخيرة إلى ''التخلي عن التعليمات'' وترك الأحزاب لمناضليها، ملمحا إلى فضيحة مصالح ولاية بومرداس التي منحت رخصة عقد المؤتمر وألغتها ''بعد رفعنا لدعوى قضائية''، وكان الهدف منه، كما أوضح تواتي، ''المجيء بأشخاص من خارج الحزب لتنظيم مؤتمر على حساب الأعضاء والمناضلين الحقيقيين للأفانا''. وتحدث في هذا الصدد عن ''صدور 20 حكما قضائيا لصالحنا''، كان قد رفعها الحزب ضد المفصولين من الحزب حول ادعاءات كانت تهدف للمساس بسمعة الحزب ورئيسه. وردا على سؤال بخصوص تأثير الحزبين الجديدين اللذين خرجا من عباءة الأفانا، حزب بن حمو وزروقي، على الوعاء الانتخابي للحزب، قال تواتي بأن هؤلاء ''قدموا لنا خدمة'' بتأسيسهم لأحزاب، ونتمنى من وزارة الداخلية أن تمنحهم الاعتماد، مؤكدا في هذا الصدد بأنه ''لو ينتخب الشعب بقوة في الانتخابات المقبلة، فإن الأفانا ستفوز بالانتخابات، لأن حزبنا متجذر في كل مناطق البلاد''. وأبقى تواتي على احتمال ترشحه للتشريعيات المقبلة مرتبطا بالحزب ''ترشحي من صلاحية قواعد الحزب وليس مفروضا من الفوق''، معلنا بأنه ''تم توزيع 150 ألف استمارة لمن يرغب في الترشح للتشريعيات والمحليات المقبلة، نحن الحزب الوحيد الذي يجري انتخابات تصفوية بين المناضلين لاستخراج مرشحي الحزب، لأنه من لم يطبق الديمقراطية في حزبه لا يمكنه تحقيقها خارجه''. صاحب المال وصاحب المبدأ سيتنافسان على الأصوات قال موسى تواتي إنه تلقى مراسلات من أشخاص تعهدوا بدفع 2,2 مليار سنتيم مقابل الترشح في قوائم الأفانا. ويعتبر هؤلاء، حسبه، أن الجبهة ستكون حصانا رابحا في الانتخابات التشريعية. وأوضح بأنه تلقى عرضا بشراء مقر جديد للحزب، إذا وافق على ترشيح أشخاص معينين في صفوفه. ويعتقد تواتي أن الانتخابات سيخوضها ''صاحب المال وصاحب المبدأ''. الأول يملك أموال الشعب، حسبه، ويستحوذ على المناصب ويوزعها بناء على مقياس القرابة والمصاهرة. أما الثاني، فهو الذي يؤمن بأن مال الجزائريين ملك للجميع. وأفضل طريقة لمحاربة المال القذر ومنعه من دخول الانتخابات، حسب تواتي، أن يقبل المواطنون بكثرة على الانتخابات ويصوّتوا على ''الزوالية''. الإسلاميون الجزائريون لن يكرروا سيناريو تونس والمغرب ومصر لا يؤمن موسى تواتي بأن الفوز العريض الذي حققه الإسلاميون في انتخابات تونس والمغرب ومصر، سيتحقق لرفاقهم بالجزائر. فهؤلاء مشتتون، برأيه، زيادة على أن مخلفات الإرهاب المدمّر معطى في غير صالحهم، حسب رئيس الأفانا. على عكس تقديرات المراقبين الذين يعتقدون بأن الجزائر لن تكون ''استثناء''، بخصوص اكتساح الإسلاميين الانتخابات لو كانت قواعد اللعبة مفتوحة ونزيهة، يقول موسى تواتي إن التيار الإسلامي في الجزائر غير منسجم، ما يمنع من تكرار السيناريو الذي حدث في البلدان الإسلامية الثلاثة. ويرفض تواتي أصلا أن ينسب وصف الإسلام للأحزاب، فيفضل تسميتها ب''الأحزاب الدينية''. ويضيف: ''صحيح أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين حرّكت النخوة الوطنية في الجزائريين أيام الاستعمار، لكن من جندهم وزرع فيهم الثورة ضد المستعمر هم أبناء التيار الوطني. لذلك أعتقد بأن الوطنيين هم من سيكتسحون الانتخابات المقبلة''. تركيا لا تساوَم في المبادئ وفرنسا تحتاجنا وليس العكس رد موسى تواتي بخصوص السجال السياسي الدائر بين باريس وأنقرة، على خلفية قانون تجريم إنكار إبادة الأرمن الذي صادق عليه البرلمان الفرنسي، بأن ''تركيا لا تساوم في المبادئ ''. وقال إن تركيا التي كانت تسعى للدخول إلى الاتحاد الأوروبي، فهمت أن هناك من يقوم بمساومتها على مبادئها، ولذلك فضلت الوقوف في وجه فرنسا وعدم التنازل عن مواقفها. في المقابل، سجل موسى تواتي بأن ''فرنسا هي التي بحاجة إلى الجزائر وليس العكس''، وهي ورقة تفاوضية هامة لم تستعمل، مشيرا إلى أنه ''كان على الجزائر الرد بتجريم الاستعمار، لما صدر قانون تمجيد الاستعمار في فرنسا'' لكن مثلما قال متأسفا ''الحكومة منعت تمرير مشروع قانون تجريم الاستعمار''، وهو السكوت الذي كان وراء صدور أيضا قانون تجريم شتم الحركى الذي قال إنه ''سيطبق على الجزائريين وليس كما قال السفير الفرنسي بدبلوماسية بأنهم غير معنيين به''. تعديل قانون المحروقات هو بيع ما تبقى من حقول النفط ينظر موسى تواتي بعين من الرفض والتذمر بخصوص خطوة الحكومة الرامية إلى إجراء تعديل جديد على قانون المحروقات، متسائلا ''هل بقيت هناك محروقات في الجزائر؟''، ليجيب ''لقد تم بيع كل الحقول''. وذكر رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية بأنه ''لم تبق هناك بقعة للحفر''. وفي توضيحه لهذه القضية، قال تواتي ''هل اطلعتم كم عدد بحوث الاستكشاف عن المحروقات التي توزّعها وزارة الطاقة على الشركات الأجنبية، لم تبق هناك بقعة للحفر في الجزائر''، معلنا تخوفه على ما ترك للأجيال القادمة من الجزائريين. وفي منظور موسى تواتي، فإن خطوة تعديل قانون المحروقات هدفها ''بيع ما بقي من حقول نفطية في الجزائر، سواء في الصحراء أو حتى في الشريط الساحلي. خمسينية الاستقلال في 19 مارس وليس 5 جويلية قال تواتي بأن ''يوم الاستقلال بالنسبة إلينا هو 19 مارس وليس 5 جويلية الذي هو يوم غزو فرنسا للجزائر والذي كانت فرنسا تحتفل به كيوم قبل الاستقلال''. وبرأي تواتي ''على السلطة والسياسيين والأحزاب أن يعترفوا بخطأ 5 جويلية، وتعويضه بيوم 19 مارس كعيد للنصر والاستقلال''.