بعيدا عن المعاني الرومانسية التي يجتهد المحبون في نسجها عن عيد الحب، لا يختلف اثنان أن ''سان فلانتين'' لا يعدو أن يكون في المقام الأول مناسبة تجارية تتجدد كل سنة، لا يتردد فيها العشاق في مد أيديهم إلى جيوبهم لشراء وتقديم هدية لشريكهم..هو إذن ''بزنس حقيقي'' يكون فيها دائما طرف مستعد لدفع الفاتورة، ففي فرنسا لوحدها ينفق رجل من عشرة، أكثر من 100 أورو لشراء هدية. قارورة غاز البوتان تعوض الوردة الحمراء! حجبت الثلوج وبرودة الطقس التي تسود البلاد هذه الأيام، العشاق عن الأعين، لتحتضنهم دور السينما والمطاعم وقاعات الشاي في عيد الحب الذي أصبح تقليدا بالنسبة للبعض، فيما لا تعترف به الأغلبية. وكعاداتهم دائما، لم يفوّت الجزائريون الفرصة للضحك والاحتفال بطريقتهم، فزاحمت قارورة الغاز الورود الحمراء في قائمة هدايا المحبين، لكن بطريقة فكاهية. اختصرت بقايا الثلوج التي غطت بعض مرتفعات العاصمة مجددا الاحتفال ب''سان فلانتين'' إلى سويعات، وغاب المحتفلون عن شوارع العاصمة على غير العادة، إلا من البعض الذين صادفناهم أمام محلات بيع الورود، التي قفز ثمنها كالعادة من 50 دينارا إلى أكثر من 100، ووصلت إلى 200 دينار في بعض المحلات، فيما اختار البعض الانزواء في المطاعم وقاعات الشاي والسينما. المطاعم وقاعات الشاي تأخذ مكان الحدائق الحدائق العمومية كانت خالية على عروشها، إلا من المتشردين الذين توزعوا في زواياها، فيما احتفظت حديقة التسلية ببن عكنون بشهرتها في استقطاب الأزواج، غير أنهم اختاروا على غير عاداتهم الانزواء في محلات الوجبات السريعة وعدم المجازفة بالتوغل داخل الحديقة. وبعيدا عن برودة شوارع العاصمة التي تزينت محلاتها باللون الأحمر، كانت المطاعم وقاعات الشاي ملاذا لأغلبية المحتفلين. ففي ديدوش مراد في قلب العاصمة كان من الصعب إيجاد مكان شاغر في المطاعم المجاورة للجامعة المركزية، وهو ما وقفنا عليه في مطعم تركي اصطف في مدخله الأزواج في انتظار شعور مكان، من بينهم الشاب ''فريد. م'' الذي كان رفقة فتاة بدا عليها الخجل وهي تنتظر بالقرب من المدخل، وراحت تلح على مرافقها لمغادرة المكان وهي تلتفت يمينا وشمالا، بينما راح هو يطمئنها أن أحدهم يهم بالمغادرة. سألناهما عن طقوسهما لإحياء المناسبة، فأجاب فريد، وهو سائق في مؤسسة عمومية، أنه استغل استراحة الغذاء للقاء خطيبته التي تعمل بالجوار، وبأنه يجهل بأن اليوم يصادف عيد الحب الذي لا يعترف به أصلا. مضيفا: ''لو كنت أعرف أنه عيد الحب ما كنت رافقت خطيبتي التي لم أقنعها بسهولة دخول المطعم''. الأمر لم يكن كذلك بالنسبة لسفيان الطالب في تخصص اللغة الإنجليزية، والذي قصد المكان رفقة صديقته، حيث أخلطت الثلوج حساباته، موضحا: ''كنا ننوي متابعة فيلم في سينما ''الجزائرية''، غير أننا تفاجأنا أن أبوابها موصدة بسبب الأشغال''. وإن غيّر سفيان برنامجه بسبب إقفال سينما ''الجزائرية'' لأبوابها، اختلف الأمر في باقي قاعات السينما، على قلتها، إذ فتحت أبوابها وعرضت أفلاما رومانسية لزوارها. الوردة الحمراء تختفي رغم أن الورود الحمراء والعطور كانت دائما ميزة الاحتفال بعيد الحب عبر العالم، إلا أن الثلوج غيرت من هذه الحقيقة، فالقفازات الجلدية والقبعات، وغيرها من الملابس الشتوية دخلت القائمة، وهو ما وقفنا عليه في الأبيار وحيدرة وشارع ديدوش مراد، والقبة وغيرها من أحياء العاصمة. في حيدرة، أحد أهم الأحياء الراقية في العاصمة، تزين محل لبيع الورود يقع في ساحة القدس، بباقات الورود الحمراء، فيما غاب الزبائن على غير العادة. وفي حديثنا مع صاحب المحل أكد أن الإقبال محتشم بالمقارنة مع السنة الماضية: ''هناك إقبال لكن محتشم، ربما الأمر مرتبط بالبرد والتقلبات الجوية''. ونحن نتحدث إلى صاحب المحل، دخل كهل يبدو في عقده الخامس، كان قد حجز باقاته التي لا يقل ثمنها عن 1500 دينار مسبقا، غير أنه أبدى اعتراضا على غلاف الباقة، وطلب بإلحاح أن يغيّر لونها الوردي إلى الأحمر! أما في الجهة المقابلة، حيث يتواجد محل آخر لبيع الورود، فقد اختلفت الصورة، كان المحل خاليا من الورود الحمراء وحتى من الزبائن، والسبب حسب صاحب المحل موجة البرد والثلوج التي منعته من اقتناء ورود بأسعار خيالية، وقد لا يتمكن من بيعها بسبب ذلك. أما في أحياء القبة وشوارعها، تهافتت الشابات على محل للملابس الرجالية عرض تخفيضات على سلعه، والأمر كذلك بالأبيار، حيث كان صديقان يقومان باختيار قفازات نسوية، وقبل أن أحدثهما التفتا إليّ ليأخذا رأيي في الألوان، وما إن قدمت له مشورتي حتى راح يعلق ساخرا: ''في الحقيقة قدمت هدية أغلى لصديقتي بالأمس، تنقلت إلى بئر خادم على متن سيارة كلونديستان لأحضر لها قارورة غاز زيّنتها بشريط أحمر، وكلفني المشوار 1800 دينار، أليس هذا كافيا''، يقول ضاحكا. أما صديقه الذي عرّف نفسه ب ''كازانوفا'' فقال بأنه اختار هذه المرة أن يقدم هدية لوالدته في عيد الحب، لأنها الأجدر حسبه بأن يتذكرها في يوم المحبين. مواصلا: ''هديتك ستزول بسرعة بعد أن ينفد الغاز، أنا اشتريت لوالدتي مصباحا كهربائيا يعمل بالشحن، عرفت أهميته مع الانقطاعات المتكررة للكهرباء، ووجوده احتياطا في المطبخ لن يحرمني من وجبة عشاء ساخنة من يد والدتي في هذا الجو البارد''. ورغم أنني لم أقتنع بكلامهما ورأيت أنه لا يخرج من باب المزاح، لم ألبث أن صدّقتهما وأنا أرى آخر يغادر محلا مجاورا حاملا فرنا كهربائيا من محل لبيع الأجهزة الكهرومنزلية، بعد أن أقنع صاحب المحل بتخفيض الثمن، لأنه هدية لزوجته في عيد الحب: ''وأنا لا أريد أن أحرمها من فراشها الدافئ لتنهض وتسخّن لي وجبة العشاء عندما أعود إلى بيتي في وقت متأخر''. الجزائر: سلمى حراز سعر الواحدة ب150 دينار ورود مغربية في وهران تزامن الاحتفاء بذكرى عيد الحب بوهران، هذه السنة، مع موجة البرد وتساقط الثلوج، لكن قساوة الطبيعة لم تمنع المواطنين الذين اعتادوا إحياء هذه الذكرى بالباهية من مواجهة الصقيع بدفء الحب المعبر عنها بوردة حمراء. ما ميّز إحياء هذا اليوم بعاصمة الغرب الجزائري، التي احتفظت بموعدها رغم غضب الطبيعة، هو صعوبة اقتناء الورود التي يهديها المحبون لمحبيهم من بعض المدن الجزائرية سواء في الوسط أو الشرق وذلك بسبب الطرق المقطوعة جراء تساقط الثلوج بكثافة، كما أن الفترة الشتوية يقل فيها إنتاج الزهور. وأخبرنا أحد باعة الورود أن الطقس أثّر على عملية استيراد الورد من كندا، على سبيل المثال، مثلما جرت العادة لأنه تأثّر بدرجة الحرارة التي بلغت أكثر من 40 درجة تحت الصفر، مما جعل تجار الزهور يعتمدون على جلب رمز الحب من المغرب عبر الحدود الغربية من أجل تلبية حاجيات المحبين الراغبين في تقديم وردة حمراء لمن يحبون. وقال أن أزمة الورد هذه لم تعرفها مدينة وهران، حيث أشار البائع إلى أن كل التجار المختصين تأهبوا لهذا الموعد حتى لا يجعلون زبائنهم من المحبين يصابون بخيبة أمل في يوم ''سان فلانتين''. وفي وقت بلغ فيه سعر الوردة الواحدة 150 دينار، فإن عشاق ''سان فلانتين'' لم يترددوا في اقتنائها، مع العلم أنه في الوقت الذي كنا نحاور فيه صاحب محل بيع الورود، حضر شخص يناهز عمره 60 سنة واقتنى باقة ورد، حيث بدا سعيدا وهو يحملها بعد دفع ثمنها. الشيء الذي يؤكد أن حرارة الحب ستقاوم الطقس البارد في سنة الثلوج المتميزة.. لكن حبذا لو كان الحب في كل أيام السنة وليس في منتصف فيفري فقط''. وهران: محمد بن هدار لا احتفال في تيزي وزو تسببت الثلوج الكثيفة بتيزي وزو في حرمان العشاق من الاحتفال هذه السنة بيوم عيد الحب، خلافا للأعوام الماضية، مما أدى إلى ''تباعد'' قسري في أجمل مناسبة لهم. إذ كانت مدينة تيزي وزو في السنوات الماضية على موعد مع الاحتفال بهذا اليوم بتبادل إهداء الورود الحمراء بين العشاق، مما انعكس إيجابيا على تجارة الورود بمختلف أنواعها أياما قبل وبعد 14 فيفري. وحسب أصداء جمعتها ''الخبر'' من شوارع المدينة، فإن هذه المناسبة مرت في هدوء تام والسبب هو أن الثلوج التي تتساقط على المنطقة منذ 10 أيام كانت السبب في حرمانهم من التعبير عن المشاعر، كما تسببت في نكسة تجارية حقيقية في نشاط بائعي الورود الذين أبدوا تأسفهم على مرور هذه المناسبة كسائر الأيام، متمنين أن يعوضوا ما ضاع منهم خلال موسم الأعراس في فصلي الربيع والصيف. تيزي وزو: م. تشعبونت يوم ممتع وحيوي في حاسي مسعود خلافا لمناطق الجنوب الكبير، صنعت منطقة حاسي مسعود في جنوب البلاد، أمس الاستثناء بحكم استقرار مئات المقيمين والعاملين الأجانب بها. إذ انعكس الانفتاح الذي تعرفه عاصمة الذهب الأسود بشكل مباشر على شباب المنطقة لاسيما المتمدرسين الذين لم يمتنعوا عن الاحتفال بسان فلانتين بتبادل الهدايا والشوكولاطة. واعترف فتيان وفتيات اقتربت منهم ''الخبر'' لاستطلاع آرائهم حول المناسبة، بأنهم يحتفلون بعيد الحب قدوة بما يشاهدونه من احتفالات في بلدان أخرى، فيما قال آخرون أنهم يرون في عيد الحب فرصة للترويح عن أنفسهم كونه يوم ممتع وحيوي على حد تعبيرهم. أما أصحاب محلات بيع الورود والهدايا، فأكدوا أن همهم الوحيد هو البيع وجني الربح كون الورود ومجسمات القلوب والدببة الصغيرة مطلوبة بكثرة. ورفلة: رشيد زهاني مختصون في علم النفس ''سان فلانتين تقليدغربي صدّرته لنا الفضائيات'' أكد مختصون في علم النفس العيادي، أن الاحتفال بعيد الحب هو تقليد ناتج عن ''اختراق في الثقافة'' ناتج عن النموذج الغربي المصدر عن طريق الفضائيات والأفلام التي تشجع على مثل هذه الأفعال المنبوذة من قبل المنظومة الاجتماعية. وأوضحت أخصائية علم النفس العيادي بورفلة، الأستاذة بلخيراني، أن التلقين الناتج عن مشاهدة التلفاز يؤثر بشكل مباشر في تقويم سلوكيات الشباب وتثبيتها على مفاهيم غريبة عن المجتمع وهي النقطة التي تبقى بحاجة إلى رعاية من طرف الأولياء. ورفلة: رشيد زهاني