أدان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس بغالبية 37 صوتا الحكومة السورية لانتهاكها مواثيق حقوق الإنسان وقمعها المتظاهرين، فيما صوتت كل من روسيا والصين وكوبا ضد قرار الإدانة. جدد مجلس حقوق الإنسان دعوته للحكومة السورية بضرورة وقف إطلاق النار والعمل على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين في مدينة حمص وغيرها من المدن التي تشهد اشتباكات مسلحة، في الوقت الذي أكد المبعوث الخاص إلى سوريا كوفي عنان أن زيارته المرتقبة إلى دمشق في الأيام القليلة القادمة ستتمحور حول سبل إيجاد مخرج سياسي للأزمة الحالية، في إشارة إلى أنه سيدعو الرئيس بشار الأسد ''للمساهمة الفعلية في عملية البحث عن مخرج''، مشيرا في ذات السياق إلى أنه تلقى دعوة رسمية من الخارجية الروسية من أجل التشاور حول الوضع في سوريا. في المقابل ذكرت الدبلوماسية العربية أن دول مجلس التعاون الخليجي من المقرر أن تعقد اجتماعا الأحد المقبل بعد تأجيل اللقاء الخليجي الروسي الذي كان مقررا الأربعاء إلى تاريخ غير معلوم، في تأكيد على الرغبة لدى دول المجلس في توحيد الموقف فيما بينها، مع الإشارة إلى أن عددا من دول المجلس سبق لها أن اعترفت بالمجلس الوطني السوري على أنه الممثل الشرعي للشعب والثورة السورية، مثلما أقدمت عليه الكويت التي أقر برلمانها بضرورة تسليح المعارضة السورية على غرار ما دعت إليه كل من السعودية وقطر، فيما أشار الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي أن مسألة تسليح المعارضة تبقى واردة ما لم تستجب الحكومة في سوريا لمطالب الجامعة والمجتمع الدولي بخصوص ''نقل سلمي للسلطة والوقف الفوري لأعمال العنف''. وبينما تتجه أكثرية الدول العربية إلى إدانة النظام السوري والمطالبة بدعم المعارضة، يبدو موقف الدول الغربية أقل اهتماما بفكرة تسليح المعارضة، ففي وقت سابق أعلنت الخارجية الأمريكية أنها لا ترحب بفكرة التسليح، على الأقل في الوقت الراهن، جاء موقف فرنسا رافضا لفكرة التسليح، حيث أكد مجلس الشيوخ الفرنسي رفضه دعم الجيش السوري الحر بالسلاح، داعيا إلى حتمية تفادي تفاقم الأوضاع وتحول سوريا إلى ''بؤرة توتر مستمر في الشرق الأوسط''. برهان يؤكد والأسعد ينفي من جهتها أعلنت المعارضة السورية في شقها الممثل بالمجلس الوطني السوري تأسيس مكتب استشاري عسكري تحت إشراف المجلس، على حد تأكيد برهان غليون، رئيس المجلس السوري المعارض، والذي قال إن مقر المكتب العسكري سيكون في تركيا، على اعتبار أنها مكان تواجد القادة العسكريين للجيش الحر، دون أن يفصح عن تشكيلة هذا المكتب، مكتفيا بالقول إن الهدف الرئيس من تأسيسه يكمن في تفادي انتشار السلاح في أيدي جماعات مسلحة لا تخضع لأي تأطير سياسي وبالتالي تجنب الحرب الأهلية. وقد أوضح غليون في ندوته الصحفية من باريس أن المكتب يسعى لتقديم كل الدعم الذي يحتاج إليه الجيش الحر سواء تعلق الأمر بالمساعدات التقنية أو المادية، بما فيها تزويده بالأسلحة، مضيفا أن الأمر لا يتناقض مع مبدأ ''سلمية الثورة السورية''، على اعتبار أن مهمة الجيش الحر هي الدفاع عن المدنيين لا غير. غير أن الإشكال هو أن العقيد رياض الأسعد، قائد الجيش الحر سارع للتأكيد عبر وسائل الإعلام عدم معرفته بفحوى هذا المكتب، نافيا بذلك تصريحات غليون التي ذكر فيها أن تأسيس المكتب جاء بالتشاور مع قيادة الجيش الحر، وأشار الأسعد إلى أن قيادة الجيش ''لا تعرف شيئا عن أهداف المكتب الجديد''، الأمر الذي جعل المراقبين يؤكدون على استمرار الهوة بين المعارضة السورية في الخارج بين دعاة تسليح الثورة والقائلين بحتمية الإبقاء على طابعها السلمي. ويرى المراقبون بخصوص الخطوة الأخيرة التي أقدم عليها المجلس الوطني أنها جاءت لمحاولة تدارك الهوة التي نشأت بين الجيش الحر والمجلس الوطني، إثر إعلان مجموعة من قيادات المجلس عزمهم تشكيل هيئة تساند عسكرة الثورة لإسقاط النظام عقب التأكد من عدم استجابة المجتمع الدولي للتدخل العسكري في سوريا، مع الإشارة إلى الاختلاف لا ينحصر بين السياسيين والعسكريين، وإنما امتد إلى صفوف العسكريين أنفسهم، بالنظر لرفض العقيد الأسعد، الذي يعتبره الإعلام القائد الفعلي للجيش الحر، فكرة تأسيس المجلس العسكري الثوري الأعلى بقيادة العميد الركن مصطفى أحمد الشيخ، على أن يكون هذا الأخير القائد الأعلى للجيش الحر. أمام هذه الخلافات والتصريحات المتضاربة لقادة المعارضة السورية يستمر الوضع الميداني في التأزم، حيث أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان تدهور الأوضاع الإنسانية لأدنى مستوياتها في عدد من أحياء محافظة حمص التي تشهد استمرار الاشتباكات بين الجماعات المسلحة وقوات الجيش النظامي، الذي يقصف الأحياء ما بات يسفر عن سقوط ما لا يقل عن 30 قتيلا في اليوم الواحد دون أن تتمكن المنظمات الإنسانية من تقديم المساعدة.