وصل وزير الخارجية الروسي، سرغاي لافروف، أمس الثلاثاء، إلى العاصمة السورية دمشق فيما استأنفت القوات السورية قصفها لمدينة حمص. بدأ المبعوث الروسي محادثات تستهدف "الضغط" على الرئيس السوري بشار الاسد لتطبيق الاصلاحات بوتيرة أسرع لانهاء الانتفاضة المستمرة ضد حكمه منذ 11 شهرا. وقال نشطاء وسكان إن القصف العنيف لمدينة حمص تجدد أمس بعد مقتل 95 مدنيا على الأقل أمس الأول الإثنين، وأصبحت المدينة التي يقطنها مليون نسمة معقلا للمقاومة المسلحة المناهضة للأسد. ويقول معارضو الأسد ان دباباته ومدفعيته قتلت أكثر من 200 شخص في المدينة يوم الجمعة في أكثر الأحداث فتكا منذ الانتفاضة التي بدأت ضد حكمه في مارس آذار. وقالت السلطات السورية ان قوات الجيش تحارب "ارهابيين" في حمص عازمين على تقسيم وتخريب البلاد، وذكرت وسائل اعلام سورية ان "عشرات الارهابيين" وستة من أفراد قوات الامن قتلوا في الاشتباكات التي جرت في حمص أمس الاثنين. وذكرت وزارة الخارجية الروسية ان لافروف وميخائيل فرادكوف رئيس المخابرات الخارجية وصلا الى دمشق للاجتماع مع الاسد. وتجيء زيارة لافرورف لدمشق بعد ان استخدمت موسكو حق النقض (الفيتو) ضد قرار لمجلس الامن التابع للامم المتحدة كان سيدعم خطة عربية تطالب الأسد بنقل السلطة الى نائبه وبدء مرحلة انتقالية سياسية. كما حذت الصين حذو موسكو. وكانت روسيا والصين الدولتان الوحيدتان اللتان اعترضتا على مشروع القرار في مجلس الامن الذي يضم 15 دولة. وقوبل الفيتو المزدوج بانتقاد غير معتاد من الغرب يفتقر في أحيان الى الكياسة الدبلوماسية. وردت روسيا على انتقادات الغرب لها وقال وزير الخارجية الروسي ان الادانات الموجهة للفيتو الروسي اقتربت من الهيستيريا. وقال لافروف للصحفيين بعد اجتماع مع وزير خارجية البحرين احدى الدول التي سعت لاتخاذ موقف مشدد ضد الأسد "بعض الأصوات التي سمعت في الغرب تحمل تقييمات لنتائج التصويت في مجلس الأمن على مشروع قرار سوريا تبدو في رأيي غير سليمة وقريبة من الهيستيريا. " وأضاف لافروف ان روسيا تفضل الحوار السلمي في سوريا دون تدخل خارجي او شروط مسبقة. وخلال محادثات أمس في دمشق ستستخدم روسيا نفوذها مع المسؤولين السوريين بفضل الروابط السياسية والعسكرية الطويلة بين البلدين. وقالت الخارجية الروسية ان لافروف وفرادكوف توجها الى دمشق لان موسكو تسعى "لعودة سريعة للاستقرار في سوريا على اساس التطبيق السريع للاصلاحات الديمقراطية التي حان وقتها. " وقالت وزارة الخارجية الروسية ان لافروف كرر نفس الرسالة في اتصال هاتفي مع الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي. وصرح العربي في مقابلة بأنه تحدث مع لافروف يوم الاثنين وإن وزير الخارجية الروسي سيقدم مبادرة لدمشق في زيارة هناك اليوم الثلاثاء. ولم يقدم تفاصيل وعندما سئل عما اذا كان يعتقد انها يمكن ان تنهي الأزمة قال "هم يعتقدون ذلك. " وقالت المعارضة السورية التي رفضت دعوة روسيا لاجراء محادثات مع مسؤولين سوريين في موسكو، ان وعود الاسد ليس لها اي مصداقية بعد حملته القمعية على المحتجين التي تقول الاممالمتحدة انها أسقطت 5000 قتيل. وعرض التلفزيون السوري لقطات لمئات المواطنين احتشدوا في طريق سريع في دمشق للترحاب بلافروف، وكانوا يحملون الاعلام السورية والروسية ورايات حزب الله اللبناني كما رفعوا علمين لروسيا صنعا من مئات البالونات الحمراء والبيضاء والزرقاء. وقال فيودور لوكيانوف رئيس تحرير دورية (روسيا والشؤون العالمية) "اعتقد الان بعد ان استخدمت روسيا الفيتو يسافر لافروف ليقول للاسد اننا فعلنا كل ما بوسعنا. " وأضاف "الان مهمة لافروف الرئيسية هي ان يقول للاسد انه لو لم يحدث تغيير ملحوظ في سوريا -وبغض النظر عن الموقف الروسي- عليه ان يعد نفسه لمواجهة اجراءات عسكرية من الخارج. " وقالت كاترين التلي وهي شخصية بارزة في المجلس الوطني السوري المعارض، ان الهجوم على حمص هو لاظهار لموسكو ان الاسد يسيطر على البلاد وانه قادر على البقاء حتى تنتهي فترة رئاسته عام 2014. وأضافت التلي ان الاسد بحاجة لان يبدو قويا أمام الروس وانه لم يتمكن من السيطرة على حمص منذ بدء الانتفاضة وانه الان بعد ان رأى انه يواجه خطرا حقيقيا من المجتمع الدولي يبدو انه يريد القضاء على المدينة. واستطردت ان هناك لقطات تلفزيونية حية من حي بابا عمرو في حمص وان العالم كله بوسعه ان يشهد قصفا عشوائيا للمدنيين لكن كل هذا لم يمنع الاسد. وأغلقت الولاياتالمتحدة سفارتها في دمشق وقالت ان جميع موظفي السفارة غادروا البلاد بسبب تدهور الوضع الامني. بينما سحبت كل من بلجيكا وبريطانيا سفيرها من سوريا وقالت لندن انها ستسعى لان يفرض الاتحاد الاوروبي عقوبات اضافية على دمشق. من جهة أخرى، دعا المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر في نداء مشترك وزع، أمس، رجال الاعمال السوريين والعرب الى المساهمة في تمويل عمليات "الدفاع عن النفس" وحماية المناطق المدنية. وجاء في بيان "نوجه دعوة حارة الى رجال الاعمال السوريين والعرب للمساهمة المباشرة والفاعلة في التمويل المشروع لعمليات الدفاع عن النفس وحماية المناطق المدنية في اطار الجيش السوري الحر، وتأمين الامكانات اللازمة لحماية جبهتنا الداخلية". واوضح النداء ان "الامكانات المتوفرة لا تكفي لصد الهجمة التي تلقى دعما وتمويلا من قوى اقليمية ودولية توفر السلاح والذخائر للنظام". ويأتي هذا النداء المشترك بعد انتقادات لاذعة وجهها قائد الجيش الحر العقيد رياض الاسعد عبر تلفزيون البي بي سي الاثنين الى المجلس الوطني، واصفا اياه ب"المجلس الفاشل" الذي لم يقدم اي دعم الى الشعب السوري. وقال الاسعد ان "موقف المجلس الوطني حتى الآن موقف كلامي. لم نتلق حتى الآن اي دعم والمجلس الوطني في في الحقيقة مجلس فاشل". واضاف "ان لم يستدرك الامر، فنحن سنقف ضد هذا المجلس المتآمر على الجيش السوري، لانه اثبت حتى الآن انه غير قادر على مجاراة الشعب السوري وحمايته ولم يقدم له حتى الآن اي دعم مادي او انساني"، ووقع النداء المشترك كل من رئيس المجلس الوطني برهان غليون والعقيد الاسعد. وحث المجلس الوطني السوري، بحسب النداء "الدول العربية الشقيقة وأصدقاء الشعب السوري على المساهمة في دعم شعبنا وتمكينه من صد هجمات النظام الوحشية"، محملا "المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عما ستؤول اليه الامور، في حال ترك النظام يتصرف بهذا الشكل الدموي والاجرامي في وجه شعب أعزل". كما وجه المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر نداء "الى أهلنا في الداخل يدعوهم الى الصمود والثبات في وجه الهجمة الغادرة، والتكاتف والتضامن في مواجهة الحصار وعمليات التهجير القسري". ودعاهم الى "التظاهر المستمر ومحاصرة مراكز النظام ومنعه من استخدامها للتخطيط وشن الاعتداءات وارتكاب الجرائم". واوضح المجلس والجيش الحر ان نداءهما جاء في وقت "يقوم نظام الطغمة الأسدية بعمليات إبادة وقتل للمدنيين ومهاجمة لأحياء بكاملها في حمص والزبداني (ريف دمشق) وجبل الزاوية (ادلب)، موقعا مئات الشهداء وآلاف الجرحى" بينما "التحرك الدولي يبدو أضعف مما تفرضه الدماء التي تراق على الأرض". واكد المجلس والجيش الحر "استمرارهما في تقديم كل الدعم الممكن والاسناد اللازم لاهلنا وثوارنا في الداخل والى الضباط والجنود الذين انحازوا للثورة". وصباح الثلاثاء عقد المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري اجتماعا لتقويم الاحداث المتسارعة في حمص والزبداني، بحسب ما جاء في بيان للمجلس. وقال البيان ان المكتب ناقش "الاحتياجات المطلوبة لشعبنا انسانيا واغاثيا وللجيش الحر في مجال التصدي لهجمات النظام". من ناحية أخرى، قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أمس، إن تركيا تعد مبادرة جديدة مع الدول التي تعارض الحكومة السورية واصفا استخدام الصين وروسيا لحق النقض (الفيتو) ضد قرار للأمم المتحدة بشأن سوريا بالمهزلة. وأضاف في اجتماع لحزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه في أنقرة "سنبدأ مبادرة جديدة مع الدول التي تقف إلى جانب الشعب وليس الحكومة السورية، نعد ذلك. " ولم يذكر المزيد من التفاصيل بشأن المبادرة، واستطرد "أن العملية التي وقعت في الأممالمتحدة فيما يتعلق بسوريا هي مهزلة للعالم المتقدم. "