كان السلف، رحمهم الله، يُعلمون حق رفيق السفر، فيحسنون صحبته، ويواسونه بما تيسّر لديهم من طعام وشراب، وكان كل واحد منهم يريد أن يخدم أخاه ويقوم بأعماله، لا يمنعه من ذلك نسبٌ ولا شرفٌ ولا مكانة عالية. قال مجاهد رحمه الله: ''حبت ابن عمر في السفر لأخدمه، فكان يخدمُني!!''. وكانوا، رحمهم الله، يبذلون أموالهم للرفقة، ويصبرون على الأذى، ويطيعون الله تعالى فيمن يعصيه فيهم. يُروى أن بُهَيْماً العجلي ترافق مع رجل تاجر موسر في الحج، فلمّا كان يوم خروجهم للسفر، بكَى بُهَيْم حتّى قطرَت دموعه على صدره، وقال: ''ذكرت بهذه الرحلةِ الرحلةَ إلى الله''. ثمّ علاَ صوته بالنحيب، فكرِه رفيقه التاجر منه ذلك، وخشي أن يتنغّص عليه سفره معه بكثرة بكائه، فلمّا قدمَا من الحج، جاء الرجل الّذي رافق بينهما إليهما ليسلِّم عليهما، فبدأ بالتاجر فسلّم عليه، وسأله عن حاله مع بُهَيْم.