انسحب أبو جرة سلطاني من الواجهة في حركة مجتمع السلم، واختلى بنفسه منذ ثلاثة أيام، على خلفية صدمة هزيمة تشريعيات 10 ماي .2012 وفسّرت مصادر بالحزب هذا التصرف ب''رغبة سلطاني في مراجعة نفسه''، مع ما يحمله ذلك من احتمال تقديم استقالته من الرئاسة أثناء الدورة الاستثنائية لمجلس الشورى المرتقبة غدا. ويقود حمس بالنيابة حاليا عبد الرزاق مقري، نائب الرئيس، الذي يحرص بشدة على نقل الحركة إلى المعارضة الراديكالية، بفك الارتباط نهائيا بالحكم، بعد الخطوة الأولى التي تمت عند الانفصال عن التحالف الرئاسي. وأفادت مصادر من الحزب الإسلامي، ل''الخبر''، بأن القيادة طلبت ملاحظات القائمين على المكاتب الولائية حول مجريات العملية الانتخابية، بهدف عرضها على المجلس الشوري، الذي يعقد في ظرف حساس لا يقلّ خطورة عن الانشقاق الذي عاشته الحركة قبل أربع سنوات، وقسمها إلى شطرين. وأفادت نفس المصادر أن الضغط اشتد على سلطاني في الأيام التي أعقبت الخميس 10 ماي، ما دفعه إلى طلب الانسحاب مؤقتا. وقرأت مصادر أخرى في ''خلوته'' مؤشرات رغبة في التنحي من الرئاسة. لكن الضغط، حسب المصادر، منصبّ على كل الفريق القيادي الذي يتحمل مسؤولية الخيارات التي أفضت بالخصوص إلى الانصهار انتخابيا في تكتل حزبي ثلاثي، اختلف التقييم حوله، بين من يعتقد أنه أضعف حمس، وآخرون يرون بأنه كانت خطوة لا مفرّ منها، على أساس أن حركة المجتمع الإسلامي (حماس سابقا) عادت إلى مكانها الطبيعي، وهو العائلة السياسية الإسلامية المعارضة. لكن انتقالها إلى هذا الخندق، وبقاءها في الحكومة، رفع عنها لباقة الممارسة السياسية، والانسجام بين الموقف والتصرف. ويبحث مجلس الشورى، الذي يدوم اجتماعه يومين، موضوعا رئيسيا هو الانتخابات وما شابها من تزوير، بحسب ما جاء في تصريحات قيادات التكتل الإسلامي. ويعكف أيضا على منافع ومضار الانخراط في التحالف الثلاثي. بعبارة أوضح إذا كانت حمس ضحية تزوير، وهو شيء غير جديد يحصل في كل موعد انتخابي، حسب قيادات الحزب، فذلك لا ينبغي أن يحجب ضرورة أن يتناول المجلس الشوري، وبموضوعية، مسؤولية القيادة (الرئيس وأعضاء مكتبه التنفيذي) عن تسيير الحزب طيلة المرحلة التي أعقبت المؤتمر، وما نتج عن هذا التسيير من تراجع في ميزان الانتخابات. وفي هذا الإطار يوجد اتجاهان في المجلس. أحدهما يحمّل السلطة وحدها مسؤولية ما حدث الخميس الماضي، ويرى أن قيادة الحزب لا حول لها ولا قوة أمام أساليب تزوير لا يفقه فيها أخبث المنجمين. والثاني يرغب في أن تعترف القيادة بأنها تتحمل الإخفاق في الانتخابات، وبأن هذا الإخفاق جاء نتيجة تراكم أخطاء في الرؤية، وسوء التدبير. وحتى يدافع أصحاب الرأي الأول عن موقفهم سيحاولون دفع أعضاء المجلس الشوري إلى رفض المشاركة في الحكومة التي يفترض أن تشكل بعد الانتخابات، هذا إذا عرض بوتفليقة على الحزب المشاركة. فيما يرغب أصحاب الرأي الثاني في أن يبادر رئيس الحزب بالاستقالة، لطي صفحة الانتخابات والتوجه إلى المستقبل. وفي كل الأحوال، حتى لو واجه سلطاني الضغط ورفض التنحي، وحتى إذا قدم استقالته ورفضها المجلس الشوري، فمساره، كخليفة للراحل محفوظ نحناح، سيتوقف على الأرجح في المؤتمر العادي المنتظر العام المقبل.