صدر عن وزارة الشؤون الدينية والأوقاف ومركز الثعالبي للدراسات ونشر التراث، أول موسوعة جزائرية في فقه السُّنّة، في إطار تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011، والمُسمّى ''السَّنَنُ المُبين في شرح أحاديث أصول الدِّين''، أو ''شرح عمل من طبَّ لمَن حبَّ''، للشيخ المُحدِّث باي بن سيِّدي اعمر الكُنْتي الوافي، في ستة مجلدات. ضمّ الكتاب الّذي اعتنى به الأستاذ مالك كرشوش والشيخ حيمد الكُنتي، من أحاديث الأحكام أصحّها، ومن كلياتها أصلحها، ومن قواعدها أوضحها، ومن حِكمها أملحها. قسّم الشيخ المحدِّث الكُنتي كتابه إلى أربعة أقسام: الأول تطرّق فيه للأحاديث النّبويّة، واشتمل على خمسمائة حديث. وتناول في الثاني الكليات الفقهية، واشتمل على خمسمائة كلية فقهية. بينما تطرّق في الثالث للقواعد الحُكمية، واشتمل على مائتين قاعدة. في حين اشتمل الرابع على الألفاظ الحكمية المستعملة في الأحكام الشّرعية، وجعله كما قال ''وزاناً لباب الأدعية''، حيث آثر المؤلّف من خلال هذا الترتيب تقديم الأقرب فالأقرب إلى الفهم والتّحصيل. بينما استعرض المُحقِّق في مقدمة الموسوعة في فصلها الأوّل التّعريف بالعلامة المقرِّي، اسمه ونسبه ونشأته وكلبه للعِلم وشيوخه وتلاميذه ومؤلّفاته ووفاته وثناء العلماء عليه ونبذة موجزة عن كتاب ''عمل من طبّ لمن حبّ''. وخصّص الفصل الثاني للتّعريف بالمؤلّف الشيخ باي، اسمه ونسبه وولادته ووفاته وشيوخه وإنتاجه العلمي. وتناول في الفصل الثالث الكتب المؤلّفة في أحاديث الأحكام مع شروحها. كما استعرض في الفصل الرابع اسم الكتاب ومضمونه ونسخه. في حين أفاد المؤلف في المقدمة أنّ الكتاب يُعدّ شرحاً على الأحاديث الّتي جمعها الشيخ العلاّمة محمد بن محمد المَقرِّي في كتابه ''عمل من طبَّ لمَن حبَّ''، المستمد من كتب أئمة مشهورين اتّفق على جلالتهم أولوا الألباب، كالحافظ ابن عبد البرّ والمحدِّث الباجي والإمام النووي والعلاّمة ابن أبي جمرة والحافظ جلال الدِّين السيوطي... وغيرهم. وجعل المصنّف المقدمة في ثلاثة فصول: الأول منه تناول فضل الحديث الشّريف والاشتغال به، والثاني في حدِّ الصّحيح والحسن والضعيف وما يحتجّ به من ذلك في الفروع الفقهية والأصول الدينية، والثالث في التّعريف بالكتب الّتي نقل منها المؤلّف هذه الأحاديث الشّريفة ومؤلّفيها. وقد أكثر المؤلّف في مصنّفه من التكرار وبسّط الكلام في بعض المسائل، حيث ينقل الخلاف ويُوجِّه الأقوال وأدلّتها، ويشير إلى أنّ نقل الخِلاف مردُّه أنّ الحديث هو مبنى الأقوال وأصلها، وإذا ذكر الحديث المشروح، فإنّه يعين ذِكر من قال به ومن لم يعمل به وحُجّة من خالف مقتضاه، وإن عارضه حديث آخر، صار إليه بعض العلماء حسن ذكره وبيان الرّاجح منهما والأوضح منهما دلالة، ليظهر ما هو الأولى بالاتّباع. وعرّج المصنّف إلى التّفصيل في معرفة الخلاف ومراعاة المالكية لهذا الحكم، مستنداً في ذلك أصل إعادتهم لبعض الصّلوات في الوقت، وفوات وفسخ كثير من الأنكحة بالدخول ولحوق الطّلاق في كلّ نكاح اختلف فيه، دون المجمع عليه وفوات فسخ ما اختُلف فيه من البيوع بحصول مفيت في الثمن إلاّ ما استثنوه من ذلك لِعلّة، معتبراً أنّه لا ضابط لهذا كلّه إلاّ معرفة المجمع عليه والمختلف فيه. وقد مزجَ الشيخ الكنتي، في شرحه لكتاب الشيخ المقرّي، المعنى باللّفظ، ولخَّص كلام المتقدّمين وأبرزه بلفظ جامع، ملتزماً فيما يذكره من الفروع بيان ما هو مشهور، وإن كان الرّاجح من حيث الدليل، غيّره وبيّنه ورجّحه وذكر مَن قال به من علماء المالكية. وقد ذمّ المؤلّف، رحمه الله، في قواعده ردّ الأحاديث وتأويلها بما يُخالف ظاهرها، باعتبار أنّ كلّ كلام يُؤخذ منه ويُرد إلاّ ما صحّ عن سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.