امتطى عمر غول ميزانا بكفتين، واحدة بعنوان ''رجل دولة'' وأخرى ''المناضل''، فغلبت كفة رجل الدولة، أو هذا ما اختاره النائب غول لنفسه، وبصم عليه بموقف شذ فيه عن الجماعة (نواب الخضراء) برفضه مجاراتهم بالانسحاب من أول جلسة في العهدة السابعة للمجلس الشعبي الوطني. خطف وزير الأشغال العمومية المنتهية مهامه، الأضواء من العربي ولد خليفة الذي ترأس جلسة تنصيب المجلس الشعبي الوطني في عهدته السابعة، برفضه إشهار البطاقة الحمراء، ومقاطعة جلسة التنصيب، كما فعل زملاؤه في تكتل الجزائر الخضراء احتجاجا على ما أسموه ب''التزوير''، وبهذا التصرف يكون عضو المكتب الوطني المكلف بالمنتخبين في ''حمس''، سابقا، قد رد على اتهامات قيادة حركته بتزوير تشريعيات 10 ماي بدل حزبي الأفالان والأرندي، وسقى نوابهم (الأغلبية) داخل المجلس بماء عذب، كمن يروي عطشان في صحراء قاحلة. وضع غول نفسه في موضع سبقته إليه وزيرة الثقافة، الحالية، خليدة تومي، لما أعلنت استقالتها من التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، إثر إعلان رئيسه سعيد سعدي الطلاق مع الرئيس بوتفليقة على خلفية أحداث القبائل، 2001، لتكافأ بحقيبة وزارة الثقافة والاتصال في حكومة علي بن فليس الثانية الناتجة على تشريعيات .2002 والفرق بين ''خليدة'' و''عمر''، أن الأولى استقالت من حزبها والثاني، لم يستقل إلى الآن، على الأقل. لكن، وفي المقابل، لم يكن غول ليروي نواب الأغلبية ماء عذبا، بعدما شككت ''حمس'' في شرعية الكثير منهم في الالتحاق بالغرفة السفلى، هكذا بالمجان، وبقدر سؤال طرح بعلامة استفهام كبيرة إثر ''خرجة'' غول، وحيال ما إذا كان تلقى ''وعدا '' بتزكيته عضوا في الحكومة الجديدة؟ وبقدر سؤال يطرح كذلك، حول خلفية انتظار نائب العاصمة، جلسة تنصيب البرلمان الجديد، ليحسم في موقف دعا فيه الصحفيين إلى تفسيره كما يشاؤون، وهو جواب لا يتفوه به إلا مسؤول، يسوق أنه ''واثق من نفسه''، أو على الأقل، مسؤول يعطي انطباعا أنه ''رجل دولة'' وليس ''رجل سياسة مراهقا''، يبحث عن التميز، كالتميز الذي أراده لنفسه ضمن الجهاز التنفيذي، وفي عيون رئيس، خصص في زمنه، أكبر غلاف مالي لقطاع الأشغال العمومية منذ الاستقلال بعنوان طويل وعريض سمي ''الطريق السيار'' أو ''مشروع القرن''. لكن الوزير السابق لم يكن واضحا في موقفه، إلى غاية صباح أمس، كما يفترض أن يكون عليه ''رجل الدولة''، وإن كانت قيادة حركته توقعت هكذا موقف، إلا أن تصريحاته عقب إعلان عدم مشاركة ''حمس'' في الحكومة الجديدة، أبقى فيها خياراته في نصف العصا. كان غول من أشد ''المدافعين'' عن ''تثبيت'' مصابيح الإنارة، داخل الأنفاق التي تشرف على إنجازها وزارته، في ترجمة لعشقه ''الأضواء''، ومن أكثر الناس حرصا على الدقة، في رسم منعرجات الطريق السريع، ومحولاته، لذلك ''عرف'' كيف يختار المحول الموصل إلى مخرج، فجأة تبين له أن ''حمس'' لا توفره له، على الأقل في الوقت العصيب الذي تمر به حاليا، وهو يظهر في راحة من أمره تجاه الحركة، وأكثر من ذلك، ينتظر منها رد جميل تمكينها من 13 مقعدا في العاصمة وحدها، بعدما ''تبنى'' هذا النجاح، أو على الأقل ''إخلاء سبيله'' وتركه حرا في اختياره منقلبه المفضل.