دفع اللغط والتأويلات التي أثارها رفض مجلس شورى حمس المشاركة في الحكومة المقبلة، قيادة الحزب إلى الخروج عن صمتها بتهديد كل من يشكك في القرار ويعلن عدم التقيد به بالإقصاء من الحزب، لكن بالمقابل تعلن أنها غير ملزمة بالتفسير الذي يضع الحزب في المعارضة الراديكالية. أصدرت حركة مجتمع السلم، أمس، بيانا، موقعا من طرف رئيسها أبو جرة سلطاني، يتضمن لهجة صارمة ضد المتحفظين على قرار عدم المشاركة في الحكومة المتخذ في دورة مجلس الشورى غير العادية، المنعقدة يومي 18 و19 ماي الماضي. وأفاد البيان بأن القرار ''واضح وناضج ومسؤول ولا يحتاج إلى شرح ولا تأويل. ففقراته الثلاث تقول: أولا عدم المشاركة في الحكومة المقبلة. ثانيا المشاركة في البرلمان للدفاع عن قضايا الأمة، وثالثا الاستمرار في تكتل الجزائر الخضراء مع مراجعة آلياته وبنوده''. وأشار سلطاني في بيانه، إلى مواد القانون الأساسي للحزب رقم 8 و11 و21 و26 التي تؤكد بشكل قاطع، حسبه، أن ما يصدر عن مجلس الشورى الوطني ''ملزم للجميع وواجب النفاذ والتطبيق، وأي تشكيك فيه يخلّ بشروط العضوية''. وأضاف البيان أن ''أي تأويل لمنطوق ومفهوم هذه القرارات لا يلزم إلا أصحابه''، وأن الجهتين المخولتين بالسهر على احترام قوانين الحركة وتنفيذ قراراتها هما المكتب الوطني تنفيذا، ومجلس الشورى متابعة. وذكر سلطاني، بشأن المفاهيم التي نقلتها صحف ووسائل إعلام مسموعة ومرئية، على ألسنة قياديين بارزين في الحزب بمن فيهم وزراء، حول موضوع عدم المشاركة في الحكومة، أنها ''مجرّد تقليعات إعلامية درج مناضلو الحركة ومناضلاتها على التعاطي معها إيجابيا من زاوية الحضور الإعلامي المألوف الذي ما زالت الحركة تتصدر من خلاله الأحداث الوطنية، كونها حركة واعية ومسؤولة ومؤثرة في التوازنات السياسية حال الحضور وحال الغياب''. وبحديث رئيس الحركة عن ''الإخلال بشروط العضوية'' بالنسبة لمن يشككون في صرامة القرارات المنبثقة عن الاجتماع غير العادي للمجلس الشوري والتقيد بالصفة الإلزامية لعدم المشاركة في الحكومة، فهو بذلك يشهر ورقة الإقصاء من الحزب ضد الوزراء بالدرجة الأولى وهم أعضاء في المجلس الشوري بالصفة. أما حديثه عن أن ''تأويل مفهوم القرارات لا يلزم إلا أصحابه''، فهو موجه لمن صرّحوا بأن الخطوة التي أقدمت عليها الحركة تعني الانتقال إلى المعارضة الراديكالية. ومن الواضح أن أبو جرة سلطاني في وضع غير مريح. فهو يسعى، من خلال البيان، إلى إبعاد ضغط شديد يتعرض له منذ أسبوعين، يدفعه إلى الخروج عن صمته بتوجيه إنذار لمن أظهروا عدم التزام بقرار عدم المشاركة في الحكومة، لكن يحاول استرضاء هؤلاء بتوجيه إنذار أيضا لمن يروّج بأن القرار يضع الحركة آليا في صف معارضي السلطة. وبالمحصّلة يظهر أبو جرة سلطاني، عبر مضمون بيانه، وكأنه جالس على كرسيين. وختم رئيس الحركة بيانه، بجملة تحمل دلالة تستحق التوقف عندها، فيقول: ''كثير مما تتناقله وسائل الإعلام مفيد للفرز والتقييم والتقويم''. ويفهم من ذلك، أن التصريحات الصحفية التي يدلي بها وزراء وقياديون من الدرجة الأولى، كشفت له مواقعهم ومواقفهم حيال الحركة والنظام معا، وعلى أساس ذلك يمكن ''فرزههم'' بمعنى تصنيفهم. وشكر سلطاني أيضا ''من تطوّع ليهدي للحركة عيوبها''. وهذا موجه، على ما يبدو، لأشخاص انتسبوا للحركة في وقت مضى، وأعطوا رأيهم في قراراتها الأخيرة.