مخطط استعجالي ب100 مليار أورو لتجنب العدوى اضطرت إسبانيا إلى طلب الدعم المالي الأوروبي، رغم شروطه القاسية، لإنقاذ النظام البنكي والمالي المهدّد بالانهيار، خاصة بعد أن قامت أهم وكالات التنقيط الدولية بتخفيض تقييم المخاطرة لمعظم البنوك الإسبانية. ويرتقب أن يتم اعتماد مخطط استعجالي ب100 مليار أورو، تفاديا لانهيارها وانتقال العدوى إلى دول أخرى. وقدّرت حاجيات البنوك الإسبانية بحوالي 40 مليار أورو لتفادي الإفلاس وتوفير السيولة المالية، في وقت عرف الاقتصاد الإسباني انكماشا خلال الثلاثي الثاني من السنة الحالية. وتعتبر إسبانيا رابع اقتصاد في منطقة الأورو، وهو ما دفع الأوروبيين إلى التجند لإنقاذ الاقتصاد الإسباني الذي يمثل أكثر من ستة أضعاف ما يمثله الاقتصاد اليوناني بناء على الناتج المحلي الخام، أي 12 بالمائة مقابل 2 بالمائة لليونان، علما أن إيرلندا والبرتغال واليونان تمثل 6 بالمائة، أي نصف ما تمثله إسبانيا، وهو ما يفسر إسراع الأوروبيين لإنقاذ بنوكها من الانهيار. ويعدّ هذا المخطط الرابع من نوعه منذ بداية الأزمة في 2009 بعد اليونان وإيرلندا والبرتغال. وصرّح الخبير الدولي جورج ميشال، ل''الخبر''، أن أوروبا ملزمة بمساعدة إسبانيا، لتفادي حدوث ما يعرف بنظرية الدومينو، لأن انهيار الاقتصاد الإسباني يعني أيضا تأثرا مباشرا لاقتصاد البرتغال، وأيضا إيطاليا، وتأثر ألمانيا وفرنسا التي استثمرت بصورة كبيرة في قطاعات مثل العقار. هذا السيناريو لا يمكن أن تقبله كافة دول منطقة الأورو، حتى إن كانت ألمانيا متحفظة على آليات الدعم. وستطلب إسبانيا، حسب الخبير، مساعدة أوروبية مستعجلة لتوفير السيولة لبنوكها وتفادي الاختناق المالي، مع الالتزام بضبط القطاع المصرفي. وتفادت الدول الأوروبية فرض شروط إضافية على إسبانيا التي تطبق سياسات تقشف منذ بداية الأزمة، وبالتالي فهي غير قادرة عمليا على التضييق أكثر على متوسطي الدخل، خاصة أن نسبة البطالة في إسبانيا فاقت 25 بالمائة، وتجاوزت لدى بعض الفئات 26 المائة، وهي نسبة تضع إسبانيا تحت الخط الأحمر. وشدّد الخبير على أن نسبة البطالة في إسبانيا تشكل عبئا على الحكومة الإسبانية، التي تسعى إلى تخفيض عجز موازنتها العمومية إلى حدود 5 بالمائة، وهو رهان صعب للغاية، في ظل الأوضاع الاقتصادية العامة الإسبانية. ويرتقب أن يساهم صندوق النقد الدولي في عملية الدعم التي ستخصص للبنوك بالدرجة الأولى، لإعطاء بعد دولي للعملية التي يراد من ورائها أن تكون إشارة إيجابية من المجموعة الأوروبية، رغم المضاعفات السلبية لعملية الدعم التي ستؤدي إلى مضاعفة الدين العمومي الإسباني على المدى القصير، إلا أنها تساهم أيضا في تخفيف الضغط على البنوك، وتتفادى بالخصوص حدوث عدوى في منطقة الأورو، لاسيما أن أوضاع دول أخرى، منها إيطاليا، تدعم فرضية إمكانية حدوث عدوى سريعة تقوض كافة الجهود الأوروبية التي تم القيام بها لإنقاذ اليونان، علما أن مخططات الإنقاذ للدول الثلاث مجتمعة بلغت 455 مليار أورو، منها 85 مليار أورو لإيرلندا، و78 مليار أورو للبرتغال، و292 مليار أورو لليونان.