وضعت أغلبية الأحزاب السياسية نفسها، بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية، خارج مجال التغطية إلى حين، في انتظار إعادة تشغيلها قبل الانتخابات المحلية القادمة، قبل الدخول في عطلة مدفوعة الأجر تنتهي مع بداية التحضيرات للانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في سنة 2014. في المقابل، تعيش بعض الأحزاب حالة من اللااستقرار المزمن، منذ أن أدارت ظهرها للحد الأدنى من الممارسة الديمقراطية في تسيير شؤونها والفصل في اختلافاتها الداخلية، والقبول بلعبة أقل ما يقال عنها إنها لا تمت بصلة للتقاليد شبه النظيفة للممارسة السياسية، وللتجربة الديمقراطية المعمول بها في بلدان أخرى، والتي علمتنا بأن الاختلافات الداخلية تحل بالطرق الديمقراطية، وفي الأطر القانونية لكل حزب، كما علمتنا هذه التجارب أيضا أنه عندما توجه أصابع الاتهام للمسؤول الأول في الحزب يبادر هذا الأخير بالفصل في القضية من خلال تجديد الثقة أو سحبها. عندنا في الجزائر لا نبني، بل نفضل تهديم ما بناه الآخرون، وفي هذه الحالة لا تهم الطريقة المستعملة ولا الوسائل المسخرة حتى وإن كانت قذرة، فالمهم هو الإطاحة بفلان واستبداله بفلان آخر في انتظار دوره هو الآخر.. وهكذا.. فالذي يقبل بعملية التصحيح خارج الأطر القانونية يجب أن يحضر نفسه لعملية التقويم، ومن يقبل بالتقويم سيأتي دوره هو أيضا وسيفصل له على المقاس مصطلح جديد يضاف إلى القائمة التي لا ولن تنتهي ما دامت الممارسة الديمقراطية غائبة أو مغيبة. أمام هذا الوضع لا تهم المصطلحات المستعملة التي هي في حقيقة الأمر محاولة من قبل مخترعيها قصد إسقاط تهمة السياسات الانقلابية التي تكاد تكون القاعدة عندنا، والتي عادة ما تخفي حسابات سياسوية ومصالح آنية ضيقة، أهمها الامتيازات، من خلال الالتحاق بشبكات الولاء التي توفر لهم الأمن والأمان، وتجنبهم شر العقاب وتجعل منهم مواطنين فوق العادة. هذه هي حقيقة الممارسة السياسية عندنا التي لا تعرف إلا مساندة ''الواقف'' إلى حين، والتنكر لمن سبقوه، تساند اليوم لتعارض غدا، تمارس السياسة خارج مجالها، وتقمع كل رأي يشكك في نزاهتها، فالسياسة عندما تعني بالعامية ''التخلاط''، والتخلاط يعني الغاية تبرر الوسيلة، ويعني بالعامية ''طاف على من طاف''. [email protected]