بعد حرب طويلة، اقتنعت فرنسا الاستعمارية بأن الكلمة الفصل في استقلال الجزائر تعود للجزائريين وحدهم الذين خرجوا بقوة يوم 1 جويلية 1962 للإدلاء بأصواتهم والإجابة على السؤال الذي طرح عليهم في الاستفتاء ''هل تريدون أن تصبح الجزائر دولة مستقلة؟''، وكانت النتيجة لصالح الحرية بأغلبية كاسحة. وبلغ عدد المصوتين ب''نعم'' 581. 975. 5 أما المصوتون ب''لا'' فوصل إلى 543. 16. وهي تفاصيل مدونة في أول عدد من الجريدة الرسمية للدولة الجزائرية. وبعد يومين أي في 3 جويلية، بعث الجنرال ديغول رسالة إلى عبد الرحمن فارس رئيس الهيئة التنفيذية المؤقتة للدولة الجزائرية، يعلن فيها اعتراف فرنسا بنتائج الاستفتاء وباستقلال الجزائر، لتنفجر بعدها الفرحة في كامل البلاد. لكنها كانت فرحة قصيرة، فجماعة وجدة وجيش الحدود سيقتحمون العاصمة على ظهور الدبابات، وتطرد الحكومة الشرعية للثورة الجزائرية، تمهيدا لإقامة نظام أحادي لم يكن ضمن الأهداف المسطرة في بيان أول نوفمبر 1954. وبعد عام يصدر هذا النظام قانونا (26جويلية 1963)، يجعل من 5 جويلية من كل سنة عيدا للاستقلال ولجبهة التحرير الوطني، ويكون يوم عطلة قانونية ويجبر الجزائريين على الامتثال له وتقبله والاحتفال به. القانون حمل توقيع أحمد بن بلة كأول رئيس للجزائر المستقلة، ووزير دفاعه هواري بومدين و51 وزيرا من بينهم الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان وزيرا للشباب والرياضة والسياحة. إن اعتبار 5 جويلية يوما للاستقلال تزييف وقفز على الحقائق التاريخية والقانونية والسياسية، وينطوي على تمديد للحقبة الاستعمارية بيومين. ففرنسا الاستعمارية ذاتها اعترفت باستقلال الجزائر وبفك الارتباط معها في 3 جويلية 1962. وعمل النظام طيلة 50 سنة على طمس كل ما له صلة باستفتاء 1 جويلية، وجرى التعتيم عليه في التأريخ الرسمي وتجريده من أي مدلول أو مغزى سياسي أو قانوني، رغم أن استفتاء الاستقلال هو الاقتراع الوحيد الذي عرفته الجزائر من حيث النزاهة وحرية الاختيار إلى يومنا هذا! الحقيقة التاريخية إذن، هي أن تاريخ الاستقلال هو 1 جويلية 1962 لأن كلمة ''نعم'' التي قالها الشعب في ذلك الاستفتاء كانت العامل الحاسم في التخلص من الدولة المستعمرة وفي استعادة الجزائر سيادتها، وأي كلام خلاف هذا هو كذب وافتراء. أما النظام فلا يعترف بذلك ولا يقيم وزنا للشعب عكس ما يتغنى به في خطابه الرسمي من أن الشعب ''صاحب السيادة ومصدر كل سلطة''، ولو كان هذا صحيحا لجعل من 1 جويلية هو عيد الاستقلال. [email protected]