الزبير بن العوام رضي الله عنه، أسلم مبكرًا، فكان واحدًا من السبعة الأوائل الّذين سارعوا إلى الإسلام، ولمّا علم عمّه نوفل بن خويلد بإسلامه غضب غضبًا شديدًا، وتولّى تعذيبه بنفسه، فكان يلفُّه في حصير ويدخن عليه بالنّار ويقول له :اكفر بربّ محمّد، أدرأ (أكف) عنك هذا العذاب. فيرد عليه الزبير قائلاً: ''لا، والله لا أعود للكفر أبدًا''. هاجر الزبير إلى الحبشة مع مَن هاجر من المسلمين، وبقيَ بها حتّى أذن لهم الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بالعودة إلى المدينة. وقد شهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الغزوات كلّها، وفي غزوة أحد بعد أن عاد جيش قريش إلى مكة أرسل الرّسول صلّى الله عليه وسلّم سبعين رجلاً من المسلمين في أثرهم، كان منهم أبو بكر والزبير. ويوم اليرموك، ظلّ الزبير رضي الله عنه يقاتل جيش الروم وكاد جيش المسلمين أن يتقهقر، فصاح فيهم مكبّرًا: الله أكبر. ثمّ اخترق صفوف العدو ضاربًا بسيفه يمينًا ويسارًا، يقول عنه عروة: كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف، كنتُ أدخل أصابعي فيها، ثنتين (اثنتين) يوم بدر، وواحدة يوم اليرموك. وحين طال حصار بني قريظة دون أن يستسلموا أرسله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فوقفَا أمام الحصن يرددان قولهما: والله لنذوقن ما ذاق حمزة أو لنفتحن عليهم الحصن. ومات الزبير رضي الله عنه يوم الخميس من شهر جمادى الأولى سنة (63ه)، وكان عمره يوم قتل 76 سنة وقيل 66 سنة.