شرعت القوات السورية النظامية في هجومها الذي كان مرتقبا منذ مدة على مدينة حلب. ومقابل ذلك عزز ما يزيد عن خمسة آلاف وخمسمائة مقاتل من عناصر الجيش السوري الحر مواقعهم، وفي انتظار معرفة نتائج هذه المعركة التي وصف يومها الأول ''أي يوم أمس'' بأنه الأعنف في الحرب بين الطرفين منذ اندلاع الأحداث، حذرت دول العالم بما في ذلك روسيا من كارثة إنسانية ستعرفها المدينة، مع فارق أن الدول الغربية والعربية تحمل دمشق المسؤولية، بينما روسيا تحمل طرفي المعادلة مسؤولية ما يحدث. شرع الجيش النظامي السوري يوم أمس في شن هجوم شامل على مدينة حلب، على أمل طرد مقاتلي الجيش الحر منها بعد سيطرتهم على عشرة أحياء من أحيائها، وحسب الأخبار الواردة من سوريا، فإن نظام الرئيس باشر الأسد حشد لهذه المعركة قوات ضخمة من جيشه على أمل حسم المعركة في أقصر وقت ممكن وحماية بقية أحياء المدينة من زحف الثوار المنتفضين ضد حكمه. وحسبما تناقلته العديد من الوكالات الإخبارية، فإن معارك حلب يوم أمس هي الأعنف من نوعها بين الطرفين منذ اندلاع الأحداث، وقد دارت على وجه الخصوص بحي صلاح الدين الذي تعرض أكثر من غيره للقصف بالدبابات والمدفعية والطائرات المروحية، وأرجعت مختلف المصادر المحلية السبب إلى أن الحي المذكور يعج بأكبر عدد من المقاتلين، وقالت الأخبار المتواترة إن المواجهات استقرت خلال الفترة الصباحية عند مداخل الحي، بعد أن عجزت القوات النظامية عن اقتحام الحي بسبب المقاومة الشرسة التي واجهتها من قبل الثوار، كما تحدثت الأخبار عن معارك مماثلة، وإن كانت بدرجة أقل في حيي السكري والصاخور، كما اعترض مقاتلون من الجيش الحر، قافلة عسكرية نظامية كانت تتجه نحو حي صلاح الدين، واشتبكوا معها لمدة ساعتين دون تفاصيل عن نتائج هذه المعركة. وفي ظل غياب تفاصيل رسمية سورية عما يجري بهذه المدينة التي توصف بالعاصمة الاقتصادية للبلاد، نسبت وكالة الأنباء الفرنسية لمصادر من المعارضة، أن أكثر من ثلاثة آلاف مقاتل قادمين من مختلف من أنحاء سوريا انضموا بالفعل إلى الثوار الموجودين في حلب منذ الخميس، والبالغ عددهم ألفين وخمسمائة استعدادا لما أطلقوا عليه ''أم المعارك''. كما تجمع مختلف التقارير على أن العدد الإجمالي للثوار المتمركزين داخل المدينة قد تجاوز خمسة آلاف وخمسمائة مقاتل. الغرب يحذر من مجزرة وموسكو تحمله المسؤولية واستباقا للأحداث على ما يبدو، حذرت كل من بريطانيا وإيطاليا وفرنسا بعد الولاياتالمتحدة من مجزرة كبرى قد يرتكبها النظام السوري في حلب، كما وصفت من جهتها مفوضة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان الهجوم بأنه ''نذير شؤم على المدنيين''، وضمن هذا الطرح حذر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ من ''خسائر فادحة في الأرواح وكارثة إنسانية''، وقال ''يجب أن لا يقف أي بلد صامتا بينما تهدد مجزرة محتملة سكان حلب''. لكن على النقيض من هذا، نبه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، إلى أن الدعم الدولي والغربي منه على وجه الخصوص للمعارضة السورية، سيتسبب في ''المزيد من الدماء'' وقال إنه ينبغي على الدول الغربية والعربية أن تمارس مزيدا من الضغط على المعارضة لوقف القتال، ثم حذر من أن ''مأساة'' وشيكة الحدوث في حلب، لكن المعارضة تتحمل -كما قال- مسؤولية جزئية على الأقل، أما الحل في رأيه فيكمن في ''الضغط على الجميع''، ثم أوضح ''نحن بصدد إقناع الحكومة بأن عليها القيام ببعض المبادرات الأولى، لكن عندما تحتل المعارضة المسلحة مدنا مثل حلب، فمن غير الواقعي تصور أن الحكومة ستقبل بذلك''. الجيش الحر يأسر 150 من رجال النظام وبعيدا عن مدينة حلب، شنت قوات النظام حملة مداهمات واعتقالات واسعة بمنطقة القاري وحي كفر سوسة بالعاصمة دمشق، واعتقلت بعد مداهمات مماثلة بمدينة المعضمية بريف العاصمة، حوالي ثمانين شخصا، وعاشت مدينة درعا نفس أجواء القصف والمداهمات كذلك، وكذلك الأمر بالنسبة لمحافظة حماة التي عاشت عاصمتها والعديد من مدنها وقراها الأخرى أجواء حرب حقيقية حسب مختلف المصادر. وعن النزيف الذي ينخر القوات النظامية، جاء في برقية لوكالة ''رويترز'' أن الجيش السوري الحر تمكن يوم أمس من أسر حوالي 100 عنصر من الجيش النظامي بمدينة حلب، ولتأكيد هذا الخبر بث ناشطون معارضون شريط فيديو ظهر فيه حوالي 100 رجل جالسين أرضا، وهم يتحدثون أمام الكاميرا عن كيفية إلقاء القبض عليهم، وبموازاة هذا انشق 50 عسكرياً من بينهم 14 ضابطاً بمحافظة إدلب عن وحداتهم والتحقوا بقوات المعارضة.