إمام أستاذ في العاصمة يستفيد من ثلاثة سكنات وقفية تفضح وثائق تحصلت عليها ''الخبر''، سوء تسيير في قطاع الشؤون الدينية من خلال الطرق الملتوية في الاستفادة من السكنات الوقفية وصرف أموال الزكاة في غير وجهتها القانونية والشرعية، في ظل ضعف وسائل الرقابة التي تضبطها. تتوالى فضائح قطاع الشؤون الدينية رغم ''الحساسية'' التي يكتسيها، ففي الوقت الذي أودعت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف مؤخرا مشروع مرسوم وزاري لدى الأمانة العامة للحكومة، يهدف إلى تحديد مهام الجمعيات الدينية ومتابعة نشاطاتها السنوية ووجهة الأموال التي تستفيد منها، ومنع رؤسائها من تنظيم أو إنشاء أي علاقة مع الأحزاب السياسية، تثبت الوثائق المتوفرة لدى ''الخبر'' والتي تحصلت عليها من مصدر موثوق، أن الرقابة في قطاع الشؤون الدينية منقوصة ولا تغطي جميع المجالات. ففي الشق المتعلق بالسكنات الوقفية، تشير عقود إيجار للاستفادة من سكن وظيفي، إلى استحواذ إمام برتبة أستاذ على ثلاثة سكنات وقفية. المعني وهو إمام بأحد مساجد العاصمة، تمكن بطرق ''ملتوية'' من الحصول، سنة 2007، على سكن وظيفي وقفي مكوّن من ست غرف، حسب ما يؤكده عقد الإيجار رقم .137 وبعد استقرار المعني في هذا المسكن، قرّر الزواج الذي كان الوسيلة في حصوله على مسكن وظيفي وقفي للمرة الثانية، حسبما ورد في عقد الإيجار رقم 184، مكوّن من غرفتين ومطبخ بمساحة إجمالية تقدر ب24 مترا مربعا، ببلدية بلوزداد، ليختم عملية ''استحواذه'' على السكنات الوظيفية الوقفية، بآخر ببلدية الدارالبيضاء شرقي العاصمة، مثبت في عقد الاستفادة من سكن وظيفي وقفي إلزامي الحامل لرقم 15 بتاريخ 29 مارس من العام الجاري. ومتكون من أربع غرف ومطبخ وحمّام. كما جاءت عقود الاستفادة مرفوقة بالطلب الذي تقدم به إمام أستاذ إلى مدير الشؤون الدينية والأوقاف لولاية الجزائر بتاريخ 29 أفريل الماضي، جاء في نصه أن طلبه الحصول على سكن وظيفي في أحد مساجد العاصمة دون ذكره راجع لسبب واحد هو كونه يسكن بعيدا عن العاصمة بحوالي 36 كلم ما تسبب حسبه في عدم أدائه لمهامه على أكمل وجه. والغريب في الطلب، أن الإمام المعني لم يحدد المكان واكتفى بذكر عبارة ''بعيد عن العاصمة''. وفي جزء آخر ''مريب'' من الرسالة، يظهر أن مدير الشؤون الدينية وقّع على قرار استفادة الإمام من المسكن بتاريخ 29 مارس، في حين جاء طلب الاستفادة مؤرخا بفارق شهر، أي في 29 أفريل من العام الجاري. كما لم تخل الرسالة من ''الفضائح''، حيث ورد فيها ''تحجّج'' من الإمام بزوجته، التي قال إنها موظفة في قطاع الشؤون الدينية موكلة بمهمة التدريس ومحو الأمية وتعليم القرآن، في حين تشير شهادة عملها رقم 615 المحررة في نفس تاريخ توقيع مدير الشؤون الدينية على قرار استفادة الإمام من السكن الوظيفي أي في 29 مارس، إلى أنها موظّفة بصفة عون إداري. وفي قراءة قانونية للقضية، يمنع استفادة الإمام المعني من ثلاثة سكنات في آن واحد، كما تلغى استفادة المعني من السكن ''وجوبا'' في حالة الانتقال إلى مكان عمل آخر أو إنهاء المهام المكلف بها أو الاستقالة من العمل أو التقاعد أو الوفاة، وفق المادة الرابعة بمقتضى القانون رقم 01/07 المؤرخ في 22 ماي 2001 المتعلق بالأوقاف. وتضمنت الوثائق التي بحوزة ''الخبر''، كيف استطاع موظف بوزارة الشؤون الدينية من الاستحواذ على سكن وقفي بمسجد ببلدية عين البنيان، رغم استفادته من سكن وظيفي بحي الكرام في بئرخادم بالعاصمة. ويقابل هذه ''الفضائح'' تصريح سابق منسوب لوزير الشؤون الدينية والأوقاف بتاريخ 22 ماي من العام الجاري، يقول فيه إن'' الأوقاف ليست سكنات وظيفية أو مخصصة لموظفي الوزارة، وإنّما هي وقف عام وملك للمسلمين وحق لكل المواطنين''. أموال الزكاة تصرف في الحفلات ورغم أن وزارة الشؤون الدينية والأوقاف تشدّد على موقعها الإلكتروني في تعريفها لصندوق الزكاة أنّه ''مؤسسة دينية اجتماعية تعمل تحت إشراف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، والتي تضمن له التغطية القانونية بناء على القانون المنظّم لمؤسسة المسجد''، إلا أن الوثائق التي تتوفر عليها ''الخبر''، تكشف أن بعض الوقائع تناقض ذلك تماما. البداية من آخر نشاط وزاري قام به وزير القطاع، أبو عبد الله غلام الله، قبل التعديل الحكومي الأخير، فيما تعلق بنشاطات استثمار أموال صندوق الزكاة، حيث أشرف الوزير، خلال شهر رمضان المنصرم، على حفل توزيع شاحنات في إطار قروض أموال الزكاة، كلف صندوق الزكاة أزيد من 321 مليون سنتيم، خصص منها 20 مليونا لتهيئة مكان جلوس الوزير، والمدعوين إلى التظاهرة، و12 مليونا لكراء قاعة المحاضرات التابعة لمركب رياض الفتح بالمدنية بأعالي العاصمة، و15 مليونا خاصة بالوجبات الغذائية ل100 شخص. مع أن الوزارة على موقعها، لا تشير في كيفية صرف أموال الزكاة إلى اقتطاع جزء منها لتنظيم الحفلات، سوى صرفها ''للعائلات الفقيرة حسب الأولوية، وذلك بإعطائها مبلغا سنويا كل ستة أشهر، أو ثلاثيا كل ثلاثة أشهر، وإمّا منحها لصالح الفقراء بتخصيص جزء من أموال الزكاة للاستثمار، من خلال اعتماد طريقة القرض الحسن، أو شراء أدوات العمل للمشاريع الصغيرة''. وفي وثيقة أخرى، اقتطعت مديرية الشؤون الدينية والأوقاف من صندوق الزكاة مبلغا قدره 109 مليون سنتيم لإخراج فيلم وثائقي، حيث يكفي المبلغ لتمويل مشروعين استثماريين. مستفيدون تسلموا شاحنات معطلة وتشير مصادر''الخبر''، إلى أن مثل هذه اللقاءات وإن تعلقت بنشاطات اللجنة الوطنية لصندوق الزكاة، لا تمول من الصندوق، لاسيما ما تعلّق بكراء القاعات، على أساس أنها نشاطات يمكن إقامتها سواء بدار الإمام مجانا أو تخصيص أي مسجد بعد الانتهاء من الصلوات الخمس. كما لم تتوقف ''الفضيحة'' عند هذا الحد، بل تعدته بعد شهر تقريبا، عندما بدأت تتهاطل على مديرية الشؤون الدينية لولاية الجزائر، شكاوى المستفيدين من الشاحنات، تحوز ''الخبر'' على عدد منها، تفيد باستلامهم من وكيل السيارات المتعاقد مع وزارة الشؤون الدينية، مركبات تتضمن أعطابا في الفرامل والأغطية الأمامية والمقود وأجهزة الراديو.