ماذا تعني زيارة هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية، إلى الجزائر وهي تستعد لمغادرة منصبها، حتى ولو فاز الرئيس المرشح باراك أوباما بولاية ثانية؟ أول ما تعنيه الزيارة هو أن واشنطن وإدارة أوباما تحديدا تعرضت لضربة قوية بمقتل سفيرها في ليبيا. ومقتل هذا الدبلوماسي نتج عن ''سوء'' تقدير للخطر على القنصلية الأمريكية في بنغازي. ولهذا فواشنطن تبدو قد اقتنعت، متأخرة كالعادة، بتحذيرات الجزائر من خطر الانفلات الأمني في ليبيا الذي نتج أولا عن التدخل الأجنبي وعن فتح مخازن السلاح لكل من هب ودب، فبقي جزء كبير منه بين أيدي الليبيين يتناحرون به فيما بينهم، والجزء الآخر نقلته شبكات تهريب السلاح إلى بؤر توتر في دول الجوار بكل من مصر وتونسوالجزائر والتشاد والنيجر ومالي. وفي حالة مالي، أكثر الدول تضررا من تدفق السلاح الليبي، توجد بوادر تدخل أجنبي جديد، لابد فيه من سماع رأي الجزائر حتى لا تقع كارثة أخرى. وبالنسبة للجزائر، فالأمر يتعلق، أولا، بحياة رهائن جزائريين يكاد ينساهم الجميع في غمرة الأحداث السعيدة والحزينة. ثانيا، هناك مشكلة تقنية تخص قدرات الجيش الجزائري، الذي وإن كان على قدر كبير من الكفاءة والفعالية، إلا أن إدخاله في حرب مالي، أو جعل التراب الجزائري ''حديقة خلفية'' لهذه الحرب، من شأنه إنهاك قوات الجيش على مدى بعيد. وهنا يطرح البعض سؤالا: لماذا تتحفظ الجزائر على حرب مالي؟ لأن كل حدود الجزائر، بلغة الألوان، حمراء خصوصا منذ بداية ظاهرة ''الربيع العربي''. فإلى جانب التوتر القديم على الحدود مع المغرب، تولدت توترات جديدة مع كل من تونس وليبيا والنيجر ومالي، وآخرها توتر أمني مع موريتانيا، التي تتحدث آخر الأخبار بشأنها عن احتقان بالشارع يكاد يصل درجة ''الانقلاب'' بسبب غياب الرئيس محمد ولد عبد العزيز عن البلاد رغم خروجه من مستشفى بيرسي في فرنسا. إذن، هذه هي الأجواء التي تزور فيها هيلاري كلينتون الجزائر، والتي يصبح معها دور الجزائر محوريا لاستعادة الاستقرار إلى المنطقة. [email protected]