قدمت الجزائر مقترحات سلام في شكل مخطط من عدة نقاط، للحركات التي تمثل أزواد مالي لحل أزمة شمال البلاد لمنع اندلاع حرب إقليمية في المنطقة، ومنع وقوع عملية تدخل عسكري في إقليم أزواد المضطرب. اقترحت الجزائر، بصفة غير رسمية، حسب مصدر عليم، مخططا للسلام في شمال مالي، يتضمن انسحاب قوات الميليشيات المسلحة من المدن الرئيسية لإقليم أزواد، ومن نقاط السيطرة على الطرق الدولية والحدود، وإلغاء المظاهر المسلحة من الإقليم، على أن ترابط قوات حفظ سلام إفريقية في حاميات المدن وعلى الحدود الدولية لإقليم أزواد. وتتعهد القوات بضبط الأمن في المنطقة، على أن تبدأ مفاوضات مباشرة بين الحكومة المالية وكل الحركات الأزوادية لاحقا. وتضمنت خطة السلام التي صيغت بعد اتصالات طويلة بين شيوخ قبائل من شمال مالي وبين موفدين من رئاسة الجمهورية ومصالح الأمن، إنشاء صندوق تنموي لمناطق أزواد في مالي والنيجر، ومخطط إعادة إعمار، وحلا جذريا لمشكلة المختطفين الأوروبيين والجزائريين المحتجزين لدى الجماعات السلفية الجهادية في المنطقة، وتجهيز مواقع يسمح لقوات الحركات الانفصالية الأزوادية بالتواجد فيها، شريطة أن تقدم هذه الحركات ضمانات أمنية لمنع تواجد أي عناصر من الجماعات السلفية الجهادية الأجنبية مثل القاعدة في بلاد المغرب وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا في المناطق التي يسمح فيها بتواجد مسلحي الفصائل الأزوادية. وأبلغ ممثلو الجزائر، في الاتصالات الأخيرة، الفصائل المسلحة المحلية بأن الجزائر ستواصل التصدي للجماعات الإرهابية حيث لا يمكن تقديم ضمانات لأي شخص متعاون مع الجماعات الإرهابية والإجرامية. وقالت مصادرنا إن مخطط السلام الجزائري جاء في شكل مقترحات جزائرية تم إبلاغه لمبعوثي حركة أنصار الدين والحركة الوطنية لتحرير أزواد، وممثلين عن قبائل إيفوغاس الترفية وقبائل الكتنة والأجواد والبرابيش العربية، وقبائل السونغي الإفريقية. وتتحفظ جهات رسمية على المقترحات لعدة أسباب، أهمها منع التشويش على جهود السلام، حيث يمكن للجماعات السلفية الجهادية المتشددة أن تتدخل عبر نفوذها وتواجدها الميداني لمنع التوصل لأي اتفاق، بالإضافة إلى بعض الأطراف الدولية التي قدمت مخطط سلام بديلا يستند إلى تقسيم دولة مالي. وكانت حركة أنصار الدين قد أبلغت دولا إقليمية، منها الجزائر وبوركينافاسو، بأنها مستعدة لتقديم تنازلات مهمة في أية مفاوضات. وتعد الحركة أهم طرف يمكنه تقديم التزام أمني، حيث توصف، من منظور عسكري، بأنها الحركة الأقوى في الإقليم والقادرة على لجم باقي الفصائل المسلحة، وتتهمها دول غربية وإقليمية، بأنها واجهة سياسية محلية للجماعات المتشددة السلفية الأجنبية التي تتواجد في الإقليم، ولأطراف دولية جديدة تحاول التواجد في المنطقة. وقالت مصادرنا إن الحركة تتعرض لضغوط سياسية كبيرة من وجهاء قبائل في المنطقة يتخوفون من حرب طويلة قد تأتي على الأخضر واليابس. وتتنافس مقترحات السلام الجزائرية مع مخططات أخرى تقدمت بها دول إقليمية وأخرى بعيدة عن المنطقة، بحيث تنقل ممثلون عن حركة أنصار الدين إلى دولة خليجية معروفة بعلاقاتها القوية مع قياديين في الحركة، في إطار الجهود التي تحاول منع الصدام المسلح، والحصول على موطئ قدم في المنطقة.