وزير الداخلية متفائل جدّا بالمشاركة الشعبية في الانتخابات البلدية القادمة، حيث قدّر نسبة المشاركة ب%40 على الأقل! معنى هذا الكلام أن وزير الداخلية، في أقصى تفاؤله، يعترف بأن %60 من الشعب الجزائري غير معني بالانتخابات البلدية القادمة؟! وهذا، في حد ذاته، كارثة وطنية، لأن الأغلبية الساحقة من الشعب أصبحت خارج دائرة المشاركة، بأي صورة من الصور، في تسيير شؤون البلاد. وعندما يكون %60 من الشعب غير راض عن المؤسسات القاعدية للدولة، وهي البلدية، فكيف يكون الحال بالنسبة للمؤسسات الوطنية؟ والتي عادة ما يناصبها أغلب الناس العداء، بسبب أو بغير سبب؟! وزير الداخلية عندما يضع تفاؤله ب40% من المشاركة، فمعنى هذا أن نسبة المشاركة لن تتجاوز الثلاثين بالمائة، في أحسن الأحوال. ومعنى هذا الكلام أن البلديات القادمة ستعمل في محيط شعبي يعاديها بنسبة %70 على الأقل! وفي هذه أيضا صعوبات إضافية للبلديات التي ستنتخب، وتجد نفسها مشلولة شعبيا! نفسي أن يؤدّي تعديل الدستور الجديد، الذي سيقترح علينا، إلى إدراج مادة في الدستور تشترط أن تنتخب مؤسسات الدولة بنسبة مشاركة لا تقل عن %50 على الأقل، كي نضمن عدم حكم البلاد بالأقلية المستبدة بالأغلبية! لابد أن نعطي لموضوع المقاطعة دورها الإيجابي في تقرير مصير البلاد، حتى لا تبقى الرداءة تحكم البلاد بالأقليات، وتجعل من مقاطعة الشعب، لهذا الأقليات، وسيلة للبقاء الدائم في تسيير البلاد برداءة.. نعم المقاطعة وسيلة للرفض السياسي، يجب أن يعطيها الدستور معناها الحقيقي، تماما مثلما يعطي المشاركة معناها الإيجابي. لا يمكن محاربة الرداءة السياسية، ومحاربة التزوير، ومحاربة الاستبداد بالرأي، وبحجة السلطة، إلا إذا قدّمنا، في الدستور، المقاطعة على أنها فعل سياسي ينبغي أن يكون له أثره على نتائج الانتخابات! فعندما يقول وزير الداخلية: إن المشاركة في الانتخابات المحلية ستكون %40، فهذا معناه أن البلاد أصبحت تعاني من حالة استقالة سياسية للشعب، لا يمكن أن تكون مسألة عادية. ما قاله وزير الداخلية، في الحقيقة، هو إعلان كارثة سياسية ينبغي أن تعالج بإعادة صياغة الحياة السياسية على أسس أخرى، غير هذه التي أدّت إلى حصول هذه الكارثة. [email protected]