سُئِل رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يومًا عن أيّ الصّلاة أفضل بعد المكتوبة؟ فقال: ''الصّلاة في جوف اللّيل''، وعن أيّ الصّيام أفضل بعد صيام رمضان؟ فقال: ''شهر الله الّذي تدعونه المُحرّم'' رواه أحمد ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة. وقد ورد في فضل يوم عاشوراء آثار كثيرة، منها ما ذكره الإمام أبو حامد الغزالي، رحمه الله، في ''مكاشفة القلوب''، حيث قال: في يوم عاشوراء تاب الله على سيّدنا آدم، وفيه خلقه وفيه أدخله الجنّة. وفي يوم عاشوراء، وُلد سيّدنا إبراهيم الخليل، وفيه نجّاه الله من نار النمرود. وفيه استوت سفينة سيّدنا نوح على الجودي. وفيه رفع سيّدنا إدريس مكانًا عليًا. وفيه أخرج سيّدنا يوسف من الجُبّ. وفي يوم عاشوراء، كشف الله ضرّ سيّدنا أيوب. وأخرج سيّدنا يونس من بطن الحوت. وفي مثل هذا اليوم، نجّى الله سيّدنا موسى وقومه من فرعون الطاغية. وفيه أعطى سيّدنا سليمان المُلك العظيم. وفيه ولد سيّدنا عيسى، ورفع إلى السّماء على نبيّنا، وعليهم أفضل الصّلاة والسّلام. وقيل إنّ أوّل مطر نزل من السّماء إلى الأرض كان في يوم عاشوراء. واعلم أنّ صوم عاشوراء كان معروفًا بين الأمم، حتّى قيل إنّه فرض قبل رمضان ثمّ نسخ به. وقد صامه الرّسول الكريم، صلّى الله عليه وسلّم، قبل الهجرة المباركة. وقال الإمام الحافظ ابن القيم الجوزية، رحمه الله، في ''زاد المعاد في هدي خير العباد'': أنّ الرّسول، صلّى الله عليه وسلّم، كان يصوم هذا اليوم قبل أن يفرض صيام رمضان، فلمّا نزل فرض رمضان، تركه. فلا ريب أنّ قريشًا كانت تصوم هذا اليوم في الجاهلية، وكانوا يكسون الكعبة المشرّفة فيه، وصومه من تمام تعظيمه. فلمّا قدم النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، وجدهم يعظّمون ذلك اليوم ويصومونه، فسأل عنه فقالوا: ''هذا اليوم نجّى الله فيه موسى وقومه من فرعون''، فقال عليه السّلام: ''نحن أحقّ بموسى منكم''. فصامه وأمر بصيامه، تقريرًا لتعظيمه وتأكيدًا.