تأبى سنة 2012 الرحيل دون اقتلاع روح زهرة أخرى من زهور الجزائر، وهي الطفلة شيماء يوسفي، غدرا بأيدي مجهول يجري البحث عنه.. تماما مثلما بدأت، بجريمة قتل راح ضحيتها عبد الرؤوف من سطيف، ذبحا بيد مجهول، أمام مسمع ومرأى أمه وعشرات المواطنين. 2012 التي نحن بصدد توديعها، كانت حبلى بالظواهر التي تتفاقم كل سنة، من تهريب لشتى السلع والمنتجات إلى المخدرات والمواشي، وانتهاء باستمرار اعتداءات السلاح الأبيض. والأكثر مرارة، اختطاف الأبرياء وتعريض حياتهم لأخطار كثيرة ومتنوعة. سنة الاختطافات الطفل ياسر لم يظهر والقتل مصير مصطفى وحجو عاش المجتمع الجزائري، خلال سنة 2012، على هاجس الاختطاف المتبوع بالقتل والاغتصاب الذي طال الصغار والكبار على حد سواء، وهي الظاهرة التي تخطت الخطوط الحمراء، بالنظر إلى الأرقام التي تسجلها المصالح الأمنية سنويا. لم يمر يوم من سنة 2012، دون أن تنشر فيه وسائل الإعلام خبرا عن اختطاف طفل أو شاب، غالبا ما تكون نهاية هذه الحوادث القتل أو الاعتداء الجنسي على يد أحد الأقارب أو الأصدقاء. الطفل الجزائري لم يعد ينعم بحياة آمنة، لأن الشارع الذي كان يجمعه بالأصدقاء لقضاء ساعات من الترفيه والشغب، تحوّل إلى مكان مخيف تترصده فيه عصابات الاختطاف. وفي هذا السياق، تشير أرقام مصالح الأمن إلى أن الجزائر تحصي أكثر من 15 حالة اختطاف شهريا لأطفال تبلغ فئتهم العمرية بين 2 و10 سنوات، يتم اختطافهم من أمام منازلهم، بينما تم إحصاء أكثر من 500 طفل مختطف بين 2010 و2012، أغلبهم يتعرضون للاعتداء الجنسي أو القتل أو سرقة الأعضاء. لكن ليس هذا هو حال الطفل ياسر بن عمران، الذي مازال اختفاؤه يطرح الكثير من التساؤلات منذ جوان 2012، لدرجة أن قضيته تحولت إلى قضية رأي علام. الطفل ياسر ذو السنتين، اختطف من أمام منزل جده بحي فايزي ببرج البحري في العاصمة، عندما ذهبت والدته لأداء واجب العزاء لوالدها إثر وفاة عمها. ويحمّل المختصون مصالح الأمن مسؤولية تفشي الظاهرة، باعتبار أنها لا تقوم بمبادرات جريئة بعد حدوث عملية الاختطاف، وذلك بسبب الاعتماد على القانون القديم، إذ أنها لا تتحرك إلا بعد 48 ساعة من وقوع عملية الاختطاف، في الوقت الذي أثبتت كل الدراسات أن جريمة القتل تقع في الساعات الأولى بعد عملية الاغتصاب. من جانب آخر، سجلت سنة 2012 ظاهرة اختطاف الشباب التي عرفت هي الأخرى تصاعدا مخيفا في الآونة الأخيرة، فبعد أن كان يفرج عنهم بفدية، أصبحت نهايتهم القتل. ولنا أن نذكر في هذا المقام، قضية اختطاف الشاب غيلاس حجو، 19 سنة، من أزفون بولاية تيزي وزو، الذي اختطف بتاريخ 24 أكتوبر 2012، وعثر على جثته في اليوم الموالي على مستوى شاطئ سيدي خليفة على بعد حوالي 7 كلم عن مدينة أزفون بولاية تيزي وزو، مغطاة بالرمال. وكان سكان أزفون قد نظموا مسيرة سلمية من أجل المطالبة بإخلاء سبيل ابن المقاول. وتعدّ عملية قتل المختطَفين نادرة الحدوث، حيث إن عمليات الاختطاف التي استهدفت المقاولين أصحاب المال وأقاربهم بولاية تيزي وزو، والتي بلغت حوالي 80 حالة، انتهت في معظمها بالإفراج عن الرهائن باستثناء حالتين تضاف إليها حالة غيلاس. قضية اختطاف الشاب مصطفى بيلاجات، 23 ربيعا، في شهر سبتمبر 2012، المنحدر من بلدية درفانة بالعاصمة، عرفت هي الأخرى غموضا حيّر مصالح الشرطة القضائية لبومرداس، التي وبعد تحريات معمقة، فكت لغز هذه الجريمة، حيث ظهر أن الفاعلين هم أصدقاء الضحية وعددهم 11 قاموا باختطاف الضحية من الناصرية أثناء رجوعه من تيزي وزو، حيث كان يحضر عرسا لأحد أقربائه، وذلك بعد اتهامه بسرقة سيارة هي ملك لأخ المتهم الرئيسي الذي كان يعمل عنده كسائق. المختطفون قاموا باستنطاق الضحية حول مكان تواجد السيارة التي سرقت منه، ليقوم أخ صاحب المصنع بخنقه إلى أن فارق الحياة، وأخذوا جثته إلى منطقة أولاد بريش ببلدية ميهوب دائرة تابلاط ولاية المدية وقاموا بدفنه.