تحصي الجزائر أكثر من 26 عملية اختطاف شهريا، وتبقى هذه الظاهرة في انتشار مخيف خلال السنوات الخمس الأخيرة وهي في تفاقم خاصة وسط الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و16 عاما. وتفيد الأرقام المتوفرة لدى "الشروق اليومي" أن أكثر من 800 طفل تعرّضوا للاختطاف خلال الفترة الممتدة بين 2001 و2006، وكانت أغلب حالات الاختطاف متبوعة بهتك العرض والاغتصاب، وتكون نهاية الصغير مأساوية في بعض الحالات ويستبعد المحققون الذين يشتغلون على هذا الملف وجود شبكات مختصة في اختطاف الأطفال في الجزائر تتاجر بالأعضاء البشرية، كما تردد مؤخرا من إشاعات، لكنهم يستندون إلى أن دوافع الشبكات الإجرامية التي ترتكب هذه الأفعال، هي غالبا مادية، لطلب فدية، أو لارتكاب اعتداءات جنسية. وقد سُجل في السنوات الخمس الأخيرة، ارتفاع عدد قضايا الاختطاف المعالجة من طرف مصالح الأمن والمطروحة لدى العدالة، وسجلت أكبر نسبة سنتي 2002 و2004، وإذا كانت عمليات اختطاف المقاولين والأثرياء تنسب إلى الجماعة السلفية للدعوة والقتال، التنظيم الإرهابي البارز الذي ينشط بمنطقة القبائل وبعض مناطق الجنوب الشرقي، حيث سجلت بعض الحالات، إلا أن مصالح الأمن تمكّنت من تفكيك عدة شبكات إجرامية تنشط تحت غطاء الإرهاب، لكن الرقم الأسود في عمليات الاختطاف يكمن في أن أغلب الضحايا هم أطفال صغار. وانتشرت هذه الظاهرة بشكل رهيب، وامتدت من المدن الكبرى إلى الأرياف، وآخر حالة سجلت بالعلمة بولاية سطيف، حيث اختطف ابن تاجر بسوق دبي، وتمت تصفيته ببشاعة، وكان مراسلنا بالولاية قد نقل تفاصيل هذه المأساة في عدد سابق. وكانت مصالح الشرطة قد أحصت عام 2001 حوالي 26 طفلا كانوا ضحايا اختطاف، واستنادا إلى الأرقام الواردة من مكتب حماية الطفولة وجنح الأحداث بالمديرية العامة للأمن الوطني، فإن النسبة ارتفعت إلى 112 طفل مختطف من بينهم 71 طفلة، وأكبر حالات الاختطاف سجلت عام 2003 ب 117 طفل مقابل 77 آخرين تم اختطافهم خلال 6 أشهر من سنة 2004، هذا من جهة الشرطة، لكن أرقام الدرك الوطني تبدو بدورها مرعبة، حيث تعرّض 168 طفل للاختطاف عام 2004 وهي أعلى نسبة مسجلة خلال 5 سنوات، حيث خلال عامي 2003 و2004 وعام 2005، سجلت مصالح الدرك الوطني 46 حالة اختطاف وسط الأطفال، و48 حالة عام 2006، والاختطاف يكون غالبا متبوعا بالحجز والعنف وهتك العرض والاغتصاب. المختطفون أقارب المختطفين أحيانا، والجريمة تصفية خلافات عائلية تقارير مصالح الأمن الواردة إلينا تشير إلى أن عدد القضايا المعالجة، والمتورطين فيها الذين تتراوح أعمارهم غالبا بين 19 عاما و28 عاما من بينهم إناث متورطات في اختطاف الأطفال الذي يكون متبوعا بالعنف أحيانا، كما حدث مؤخرا ببلدية القبة، عندما اختطفت سيدة ابن شقيقها من المدرسة وتوفي في ظروف غامضة، اختناقا بعد أن لفّته بغطاء صوفي وتوجد اليوم رهن الحبس، وتبقى الفتيات أكثر الضحايا عرضة للاعتداءات الجنسية، لكن هذه التقارير لا تشير إلى مصير هؤلاء الضحايا المختطفين باستثناء بعض الحالات المأساوية بعد العثور على جثة الضحية وعليها آثار العنف مثل الصغيرة حبيبة "8 سنوات" ببلدية أولاد فايت التي عثر عليها داخل حوض مائي بورشة بناء، بعد اختطافها مساء عند ذهابها لشراء علبة "ياوورت" من محل تجاري مقابل مسكنها، وعثر عليها وفي فمها تبانها الصغير. وغير بعيد، عثر أيضا على جثة الصغيرة "سارة" ببوزريعة التي استدرجها بائع "الكاوكاو" بكيس عند رجوعها منتصف النهار من مدرستها للاعتداء جنسيا عليها قبل اغتيالها، ودل زميلها في القسم على القاتل بعد اختفائها لأسبوع، واهتزت مدينة وهران قبل سنتين على وقع جريمة بشعة راح ضحيتها رضيع في 18 شهرا من عمره، توفي متأثرا بالاعتداء الجنسي الذي كان ضحية له من طرف عشيق والدته الذي قام باختطافه بعد أن قررت قطع علاقتها به، فانتقم منها بهذه البشاعة. وتشير إحصائيات الدرك الوطني إلى أن 15 طفلا قتلوا عام 2000، وارتفع العدد إلى 18 طفلا عام 2001، وبلغ العدد سنة 2006 أكثر من 85 طفلا كانوا ضحايا العنف بأشكاله واغتيلوا بعد أن تعرّض بعضهم للضرب والجرح العمدي أو القتل بالسلاح الأبيض أو الناري. واستنادا إلى هذه التقارير، فإن ظاهرة الاختطاف لم تعد فقط مقتصرة على المدن الكبرى، التي تسجل بها أكبر نسب الإجرام أبرزها وهران والعاصمة وعنابة، لكن تمت معالجة قضايا اختطاف قصّر بمستغانم، أم البواقي، سطيف، غرداية، غليزان، الجلفة، النعامة، غرداية وحتى إليزي، ويتعرض الأطفال للاختطاف في الشوارع على بعد أمتار فقط من مقر سكناهم أو مدارسهم. أطفالنا في مواجهة خطر حقيقي على حياتهم، وتقول الإحصائيات أن المجتمع لم يعد آمنا بالنسبة إليهم، يختطفون ليُغتَصبوا أو لطلب فدية وحتى لتصفية خلافات عائلية بين الوالدين وبين الأقارب، حدث ذلك في تيزي وزو وسطيف، قتل العام الماضي صغيران ورمي بجثة الأول في بئر، بعد أن تماطل أهاليهما في دفع المال، كوسيلة لترهيب المواطنين حتى يخضعوا لمساومات عصابات أشرار تتاجر بالبراءة والطفولة. في عام 2006، عالجت مصالح الدرك الوطني 134 قضية اختطاف تورّط فيها 152 شخص أودع 123 موقوف منهم الحبس، أي ما يعادل 12 قضية اختطاف في الشهر الواحد مقابل 15 قضية اختطاف عالجتها مصالح الشرطة القضائية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني في الشهر الواحد العام الماضي، ضحاياها فتيات وذكور وصغار تعرّضوا للاختطاف والحجز والعنف وسوء المعاملة والاغتصاب وهتك العرض وأحيانا تنتهي بالقتل. نائلة. ب : [email protected]