نحن بخير، ويجب على الشعب أن يفرح بذلك، فالجزائر استثناء في كل شيء، هذا ما يؤكده لنا مسؤولونا، الأزمة المالية لم تمسسنا، لأننا والحمد لله غير مرتبطين بالنظام المالي الدولي وبنوكنا بعيدة عنها، طبعا بنوكنا ليست كبنوكهم لأنها لا تعمل الكثير ولا تغامر بالمال العام، ونحن بعيدون عن تغييرات ما اصطلح على تسميته ''الربيع العربي''، لأننا عرفنا مسبقا مسارا ديمقراطيا متعثرا، ونحن غير معنيين بتحرير قطاع السمعي البصري لأن الهوائيات المقعرة غزت منذ مدة البلاد وشكلت البديل لليتيمة منذ زمن بعيد، ونحن لن ننضم إلى المنظمة العالمية للتجارة لأنها ستؤدي بنا إلى الهاوية، كوننا بلدا يصدر المحروقات فحسب بنسبة 97 بالمائة، وفي المحصلة نحن نموذج خاص فريد من نوعه، لا يوجد مثيل لنا، إلى درجة أصبحنا مضحكة للغير. فالفرنسيون نعتونا بذلك البلد الغني البائس وبلد الترقيعات، لأننا قمنا بترقيع العاصمة لمجرد زيارة قام بها رئيس جمهوريتهم، هذه المدينة التي حازت في 1958 على جائزة ليما لأفضل المدن المتوسطية، أضحت تصنف من بين أقبح المدن في المنطقة وأسوئها، ولن ننسى ما أثاره البوسنيون الذين ضحكوا حتى الثمالة لأن بلدا بناتج محلي خام يعادل 190 مليار دولار عجز في أن يبني ملعبا لكرة القدم معشوشبا طبيعيا يقي من الغرق، بينما يمتلك هذا البلد (أي البوسنة) العديد منها، وهو الذي لا يتجاوز ناتجه 20 مليار دولار ومساحته لا تتعدى ثلاث ولايات جزائرية بتعداد سكاني يقارب سكان العاصمة وضواحيها. لقد قمنا بضخ 300 مليار دولار في ظرف عشرية، ولكن النتيجة أننا بقينا قرب نقطة الصفر، بل ازدادت الرداءة على جميع الأصعدة.. نقل بدائي تخال نفسك في أضعف الدول الإفريقية، أناس محشورون في علب سردين، ومشكل أرصفة لا يزال مطروحا منذ عشرات السنين، وأينما تولي وجهك متاريس ومشاريع حفر إلى درجة تتخيل أنه عهد البحث عن الذهب، وأكياس بلاستيك اندمجت مع الديكور الجزائري الحزين، يا لها من صورة سريالية للجزائر التي أضحى دخل الفئة الغنية فيها يمثل أكثر من 24 مرة دخل الفئة الفقيرة، وحيث أصبح الريع النفطي محل استقطاب الأقوياء الذين يرغبون في اقتسام الكعكة، وحينما نرى مشاريع المحميات التي تنمو وتتوسع والأراضي التي تقسم، نجزم بأننا فعلا بألف خير. وعلى حد قول جون بول سارتر حينما يتنازع الأغنياء، فإن الموت سيكون من نصيب الفقراء. ولكن البشرى أن خزان النفط يمكن أن ينضب، ربما بعد ربع قرن، حينها سيكون المحظوظون قد انتفعوا من الريع، ولا ضير إن رحلوا إلى ضفاف نهر السين أو التايمز بعد إتمام المهمة التي لخصها الكاتب الساخر الفرنسي بقوله: يجب أخذ الأموال أينما وجدت أي من لدن الفقراء وإن لم يكن لهم الكثير، فإن عدد الفقراء كبير، فالمتنورون في الجزائر يعدون الناس بفردوس على الأرض، ولكنهم يعدونهم بذلك بعد 2020 و2025، وهم متأكدون بأنه حينها لن يتحقق لهم ذلك سواء أبقوا في مناصبهم أم تركوها ليستريحوا فيما وراء البحار، فمشكل النقل سيحل بعد 2020، كما ستتوقف عمليات الحفر اللامتناهية في كل مكان وزمان، وستصلح الأرصفة والطرق، فعلى المواطن أن يصبر وأن يرى ما لن يراه، كما لم تر أجيال من قبل خط الميترو الذي استغرق ثلاثة عقود من الزمن وإن غدا لناظره قريب. [email protected]