تعود الذكرى الثانية للثورة المصرية في ظلّ أجواء أكثر ما يميّزها الاضطرابات السياسية التي أنهكت الشعب المصري، بعدما ساهمت في تراجع الاقتصاد، حيث نجحت في سنتها الثانية بعد الثورة أن تختار رئيسا مدنيا، وهو إنجاز يُحسب للثورة، كما تمّ التصويت لصالح الدستور. غير أن الشقاق الذي خلّفه الاستفتاء حول الدستور عمّق الأزمة السياسية في مصر، ليجد المصريون أنفسهم رهائن الضغط الاقتصادي وعدم استقرار سياسي بات يُنذر، حسب الخبراء، بثورة جديدة يقودها المتضرّرون من سوء الأحوال المعيشية، في تأكيد على أن مصر الثورة لم تخرج في سنتها الثانية من عنق الزجاجة. مصر في الذكرى الثانية للثورة من معركة الدستور إلى معارك الاقتصاد يجدّد المصريون اليوم العهد بالمظاهرات الاحتجاجية، في الذكرى الثانية لثورة 25 جانفي، حيث دعت العديد من الأطياف السياسية للخروج إلى الميادين لتنديد بما أسموه ''حكم الإخوان''. ليكتشف العالم أن مصر ما بعد مبارك ليست بأفضل حال، على اعتبار أن غياب الاستقرار السياسي كان سببا في تراجع العجلة الاقتصادية، ما أثّر على أحوال الشعب المصري الذي بات يدفع ضريبة الانتقال السياسي. والحال أن هذا الانتقال لم يكن سلسا على الإطلاق، بل على العكس، سنتان بعد الثورة تعمّقت الخلافات وطفت إلى السطح جملة من المشكلات على كلّ الأصعدة، إذ بعدما كانت المعارضة في السابق تناضل في وجه حاكم مستبد، فيما يشبه إجماعا شعبيا ضدّ غطرسته، انقسم الشعب المصري، عقب الثورة، إلى تيارين: بين مساند للرئيس المنبثق عن حركة الإخوان المسلمين، والبقية التي باتت توصف بالعلمانية والليبرالية، فيما يراه الكثير من المراقبين المصريين محاولة لتشويه هذا التيار وإلصاق شبهة معاداته للدين. والواقع أن مصر، التي نجحت في تنظيم انتخابات رئاسية خلال السنة الثانية للثورة، لم تنجح في بناء أرضية مشتركة سليمة للانطلاق في بناء مستقبل مشترك بين أبناء البلد الواحد، وقد تجسّد هذا الإخفاق في صياغة الدستور، الذي أسال الكثير من الحبر على مدار السنة المنصرمة، حيث أبدت الكثير من الأطراف السياسية في مصر اعتراضها عليه، ما جعله يفتقد لصفة التوافق والإجماع، بل إن جبهة الإنقاذ، التي تشكّلت للوقوف في وجه ما أسمته ''هيمنة حركة الإخوان على الساحة السياسية''، أكّدت أن الدستور الحالي لا يمثّل الشعب المصري، باعتباره من صياغة فصيل سياسي واحد سعى لفرض وجهة نظره على بقية الشعب. وقد تجسّد هذا الرفض في توالي المليونيات الرافضة للدستور، غير أن الاستفتاء جاء لصالح الأغلبية التي صوّتت لصالح نصّ الدستور، الأمر الذي اعتبرته العديد من المنظّمات الحقوقية مخالفاً لمعنى الدستور، الذي يُفترض أن يكون توافقيا، ولا يكون محلّ اختيار بين أغلبية وأقلّية. على هذه الخلفية، بات الكثيرون في مصر يعتبرون أن الثورة خرجت عن مسارها، فيما يذهب معارضو التيار الإسلامي إلى اتّهامه بسرقة الثورة من الشعب المصري. وبين هؤلاء وأولئك تبقى الفوضى، الاقتصادية والسياسية والأمنية، المهيمن الأكبر على الأحداث المصرية، بعد سنتين من الثورة التي أطاحت بنظام استمر ثلاثين سنة. أهم الأحداث التي ميّزت السنة الثانية من الثورة 24 جوان انتخاب محمد مرسي، خامس رئيس للجمهورية المصرية، وأول رئيس مدني منتخب من طرف الشعب. 12 أوت إقالة المشير حسين طنطاوي، وسامي عنان رئيس الأركان. انقسامات في التيار الإسلامي وتأسيس أحزاب إسلامية جديدة. سبتمبر إحالة مرشّح الانتخابات الرئاسية للمحاكمة بتهمة الفساد. نوفمبر الرئيس المصري يصدر الإعلان الدستوري، ويقيل النائب العام. ديسمبر طرح مشروع الدستور على الاستفتاء. مليونيات مؤيّدة وأخرى معارضة لنصّ الدستور.