مسألة شراء الرئيس القادم أو بيعه في ''بازار'' السياسة، مسألة جدّية، وليست مجرد شطحة سياسية أو إعلامية أو حتى قانونية. الواقع يقول إن الرئاسيات القادمة ستزوّر بالمال، وليس بالتزوير الإداري الأمني السياسي، كما كان الأمر في الرئاسيات الماضية. ومادام المال هو الحزب القوي الذي سينتخب الرئيس القادم، فإن لا شرعية الرئيس القادم لا مفرّ منها.. لأن المال في الجزائر الذي يمارس السيادة، هو المال الحرام الذي اكتسبه أصحابه من الفساد الذي استمر في البلاد نشيطا، طوال العشريتين الأخيرتين.. والمال الفاسد إذا استخدم في انتقاء رئيس البلاد، لابد أن تكون النتيجة فاسدة. ومادام أمر الرئاسيات القادمة سيوكل للمال وليس للسياسة، فإن إمكانية تدخل المال الخارجي في تحديد من يحكم الجزائر، تصبح مسألة واردة بقوة.! ولهذا، فإن الرئيس القادم للجزائر سينتخبه الخارج، سواء بماله أو بضغوطه على المال الوطني المحلي الحرام.! ومادامت ثروة البلاد قد تقاسمها الخارج المستغل المستبد مع الداخل الفاسد، فإن هاتان القوتان هما اللتان تحدّدان من يحكم الجزائر مستقبلا.! لهذا، ستعرف الرئاسيات القادمة تطاحنات جهوية بولاءات خارجية مقرفة، وقد ظهرت بعض أعراضها في المواقف المتباينة في سرايا السلطة من موضوع الحرب الفرنسية على شمال مالي. الأخطار التي ستواجهنا، في الرئاسيات القادمة، هي أن الفساد الذي حصل منذ عشريتين في توزيع الثروة أو بعض الثروة، لم يراع التوازن الوطني في توزيع الثروة كفساد عادل على مختلف المناطق.. ومثلما تركزت السلطة في مناطق محدّدة، تركزت الثروة أيضا بالفساد في مناطق محدّدة. الرئيس القادم سيرشحه ويدعمه وينتخبه المال الوطني الفاسد، والمال الخارجي المساند له.. وستكون الأحزاب التي هي أحزاب التحالف، مجرّد هيئات ومنظمات جماهيرية، تقوم بالتأييد والمساندة.. ولهذا، تجري الآن داخل هذه الأحزاب عمليات ترتيبية، ظاهرها الإصلاح السياسي، وباطنها هو الدفع بقيادات جديدة قادرة على أن تقوم بالدور المطلوب منها، في التعامل مع نقل السلطة من السياسيين الفاسدين إلى رجال المال الفاسد.. والمهم أن لا يجري أي تفكير جدّي في مسألة تغيير النظام.. بل المهم هو أن يبقى النظام يتداول على الحكم، تارة بالسياسيين الفاسدين ومرة أخرى بالمال الفاسد.! ويبقى الشعب لاحق له، إطلاقا، في اختيار من يحكمه، لا بالانتخابات ولا بوسائل أخرى.! فالمسألة جدّية، وليست مجرد شطحة إعلامية أو سياسية، كما يتصوّرها البعض.. أما إذا كان للشعب رأي آخر وبطرق أخرى، فذاك هو السؤال؟! [email protected]