أكثر ما يثير السخرية والاشمئزاز تصنيف منظّمة ''فريدوم هاوس'' بورما (برمانيا) بأنها من الدول التي حقّقت أكثر المكتسبات للحرية في العالم، بالرغم من أن العالم كلّه أصبح يعرف ما تقوم به هذه الدولة المارقة من إبادة للمسلمين الروهينغا، عن طريق المجازر وحرق القرى وهدم البيوت على أصحابها، وتجويعهم وتعذيبهم. فكيف لدولة مازالت تحتجز أكثر من 10 آلاف مسلم في سجن ''بوسيدونغ'' سيئ السمعة، وتعذّبهم عراة أمام أهاليهم، أن ترقى إلى مصاف الدول الحرّة جزئيا، والرئيس الحالي لبورما ليس سوى الجنرال الذي قاد عمليات التطهير العرقي والديني ضدّ مسلمي الروهينغا قبل 20 سنة، وهو بالذات من أسقط الجنسية عن مسلمي أراكان في قانون 1982. ومقابل ذلك تمنح منظّمة فريدوم هاوس ''صكّ الحرية'' لهذا المجرم وحكومته، ليواصلا مهامهما في إبادة أقلّية الروهينغا ودفعها إلى الفرار بجلدها عبر بحر الموت، إن هي نجت من نار الحرائق التي تشعلها القوات البورمية في قراهم. والأغرب من ذلك أن منظّمة الأمم المتّحدة، والعديد من المنظّمات الحقوقية العالمية، صنّفت مخيّمات اللاجئين المسلمين في مينمار وبنغلاديش بأنها الأسوأ في العالم، ومُنعت عدّة منظّمات إنسانية عالمية من زيارة سجون اعتقال مسلمي الروهينغا، رغم الحديث عن التحوّل الديمقراطي في هذا البلد، والذي لم يستفد من ''الحرّية'' فيه إلا البوذيون. في حين لا يزال، إلى اليوم، شعب أراكان محروما من الجنسية ومن العمل في الوظائف الحكومية، ويمنع عليهم التعليم، ومن هاجر منهم لا يُسمح له بالعودة. وتضع الحكومة عراقيل إدارية طويلة وعسيرة أمام المنظّمات الإنسانية الأجنبية التي ترغب في زيارة هؤلاء الأحياء الموتى، حيث تفيد آخر التقارير الإعلامية أنهم لم يعودوا يموتون حرقا وغرقا وتعذيبا فقط، بل الكثير منهم ماتوا، مؤخّرا، من شدّة البرد والجوع والمرض، بمباركة ''بيت الحرّية الأمريكي''. وتكفي الإشارة إلى أن الجيش التايلندي أوقف تسعة قوارب تحمل على ظهرها ألفا، من الأطفال والنساء والشيوخ، المسلمين الفارين من جحيم جيش ''الحرّية'' البورمي، وهذه هي الحرّية بالمفهوم الأمريكي... ''حرّية قتل المسلمين''. فهل فهمتم لماذا ارتقت بورما في تقرير منظّمة ''فريدوم هاوس'' إلى مستوى الدول التي حقّقت أكثر المكتسبات للحرية في العالم؟! مصطفى دالع نُشرت في عمود ''مجرد رأي'' بتاريخ 17 جانفي 2013