لا تزال آلة الموت تحصد يوميا مئات المسلمين في ميانمار، الدولة الشرق آسيوية التى انفصلت عن الإدارة الهندية عام 1937، ضمن حملة تطهير عرقي ممنهجة يقودها النظام الحاكم في حق الأقلية المسلمة في البلاد، تجلى هذا بوضوح بعد تولى الناشطة الديمقراطية أونغ سان سو تشى مقعدها فى البرلمان بعدها بدأت الأزمة تتفجر تدريجيا. ففي قرى ولاية أراكان قرب الحدود مع بنجلاديش بدأت فى جوان الماضى مذبحة ضد السكان المسلمين الذين يُعرفون ب" الروهنغا "، حيث تعود أعمال العنف الحالية إلى حادثة اغتصاب وقتل امرأة بورمية فى ماي الماضى، حيث اعتقلت الشرطة ثلاثة من الروهنغا. وتبع ذلك هجمات على الروهنغا والمسلمين الآخرين أسفرت عن مقتل العشرات. ووفقا لما ذكرته منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش فإن قوات الأمن نفذت اعتقالات جماعية بحق المسلمين ودمرت آلاف المنازل. وحاول النازحون الهرب عبر نهر ناف إلى بنجلاديش المجاورة. وتوفي البعض أثناء العبور. ففى تلك الدولة التي تقع جنوب شرقى آسيا يواجه مسلمو ميانمار يوميا عمليات إبادة جماعية للدين الإسلامي من قبل الجماعات البوذية الحاكمة، ومن العجيب أن مسلمى العالم تغافلوا عن مسلمى أكبر دولة تحارب بل وتبيد كل من يؤمن بالله تعالى أو يخرج عن تعليمات البوذية اللاعقلانية التي يؤمنون بها. ومنذ ما يزيد عن ستين عاما بدأت مناوشات وانتهاكات الشرطة البوذية فى مدينة بورما سابقا أو ميانمار حاليا مستعملة أبشع ما يمكن وصفه من طرق الإبادة والتعذيب لكونهم يؤمنون بالله تعالى. فى بداية شهر جوان 2012، أعلنت الحكومة البورمية أنها ستمنح بطاقة المواطنة للعرقية الروهنغية المسلمة فى أراكان، فغضب البوذيون كثيرا بسبب هذا الإعلان لأنهم يدركون أنه سيؤثر فى حجم انتشار الإسلام فى المنطقة، فخططوا لإحداث الفوضى وهاجموا حافلة تقل عشرة علماء المسلمين كانوا عائدين من أداء العمرة تم ربط العلماء العشرة من أيديهم وأرجلهم وانهال عليهم البوذيون ضربا بالعصى حتى استشهدوا، وبرروا فعلتهم بأنهم انتقموا لشرفهم بعد أن قام شاب مسلم باغتصاب فتاة بوذية وقتلها، فقررت الحكومة القبض على 4 مسلمين بحجة الاشتباه فى تورطهم فى قضية الفتاة، وتركت ال 450 قاتلا بدون عقاب. وفى 3 جوان 2012 أحاط الجيش بالمساجد تحسبا لخروج مظاهرات بعد الصلاة ومنعوا المسلمين من الخروج دفعة واحدة، أثناء خروج المسلمين من الصلاة ألقى البوذيون الحجارة عليهم واندلعت اشتباكات قوية، ففرض الجيش حظر التجول على المسلمين، فيما ترك البوذيون يعيثون فى الأرض فسادا، يتجول البوذيون فى الأحياء المسلمة بالسيوف والعصى والسكاكين ويحرقون المنازل، ويقتلون من فيها أمام أعين قوات الأمن، إلى أن بدأ العديد من مسلمي أراكان فى الهروب ليلا عبر الخليج البنجالى إلى الدول المجاورة، ولكن مات الكثير منهم فى عرض البحر. وفى 17 جوان 2012 شن البوذيون حملة إبادة نجم عنها مقتل 200 مسلم، وإصابة 500 آخرين بالإضافة إلى حرق 20 منزلا، وكل هذا لأنهم مسلمون. ويشكل المسلمون فى ميانمار نحو 20 بالمائة من سكان البلاد فى بعض الإحصائيات، وفى مصادر أخرى كبيانات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سى آى أى) فإن تعدادهم لا يتجاوز 4 بالمائة فقط. ويتركز وجود المسلمين، الذين يُعرفون باسم الروهينغا، فى شمال إقليم راخين (أراكان سابقا) وهم من الأقليات العرقية التى لا تعترف بها السلطة، وتعتبرهم مواطنين مهاجرين غير شرعيين، بينما تصفهم الأممالمتحدة بأنهم إحدى أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد فى العالم. آخر التطورات تفيد أن منظمة التعاون الإسلامي، تبذل محاولات لإرسال وفد إلى ميانمار، وذلك عبر لقاء جرى مع مندوب ميانمار الدائم لدى مجلس حقوق الإنسان الدولي في جنيف، ردا على تصعيد رئيس ميانمار ثين سين لهجته تجاه أقلية الروهينغا المسلمة في البلاد داعيا إلى تجميع أعضاء هذه الأقلية، الذين لا تعترف بهم الدولة، في معسكرات لاجئين أو طردهم من البلاد. وقال سين خلال لقاء مع المفوض الأعلى للأمم المتحدة للاجئين انتونيو غيتيريس إنه "ليس ممكنا قبول الروهينغا الذين دخلوا البلاد بطريقة غير قانونية وهم ليسوا من أثنيتنا". واعتبر رئيس ميانمار أن "الحل الوحيد في هذا المجال هو إرسال الروهينيغا إلى المفوضية العليا للاجئين لوضعهم في معسكرات تحت مسؤوليتها"، وتابع قائلا "سنبعث بهم إلى أي بلد آخر يقبلهم. وهذا ما نعتقد أنه الحل للمشكلة".