بعد نفق الاغتيالات، دخلت تونس نفق الأزمة السياسية، في ظل تبعات زلزال ما بعد اغتيال شكري بلعيد، حيث تصدعت حكومة حمادي الجبالي فعليا بعد إعلان حزب المؤتمر من أجل الجمهورية سحب وزرائه من الحكومة. باتت حكومة الجبالي في حكم المحلة بعد إعلان حزب الرئيس منصف المرزوقي ''المؤتمر من أجل الجمهورية'' سحب وزرائه الأربعة من الحكومة بدءا من اليوم الإثنين، بسبب رفض حركة النهضة إجراء تعديل وزاري يشمل تحديدا وزارة العدل التي يشغلها القيادي في حركة النهضة، نور الدين لبحيري، ووزارة الخارجية التي يديرها صهر الغنوشي، رفيق عبد السلام. وقال رئيس المجلس الوطني لحزب المؤتمر، شكري يعقوب، إن الحزب قرر بشكل نهائي سحب كل وزرائه من الحكومة والذين يشغلون وزارت العمل والتدريب المهني، وأملاك الدولة، والمرأة والأسرة، إضافة إلى وزير دولة لدى وزيري الخارجية والرياضة، بعد انتهاء مهلة أسبوع منحها لحركة النهضة لإجراء التعديل الوزاري. وتأتي هذه التطورات في ظل تمسك رئيس الحكومة، حمادي الجبالي، بموقفه بحل الحكومة وتشكيل حكومة كفاءات. ويعد نهار اليوم الإثنين نهاية المهلة التي منحها الجبالي للأحزاب السياسية لإبداء موقفها مكتوبا على مقترحه، قبل أن يتخذ قرار تشكيل الحكومة الجديدة أو تقديم استقالته. لكن قرار الجبالي أحدث أزمة داخل حركة النهضة التي فشل مكتبها التنفيذي في التوافق على عقد اجتماع لمجلس الشورى لاتخاذ موقف محدد من مقترح الجبالي الذي تتحفظ بشأنه النهضة، وتقرر منح قيادة الحركة مزيدا من الوقت لتجميع معطيات وإنضاج موقف موحد. غير أن الشريك الثالث في الترويكا، التكتل من أجل الحريات، بقيادة مصطفى بن جعفر، أبدى مرونة كبيرة في التعامل مع أزمة الحكومة، حيث أعلن الناطق الرسمي باسم الحزب، محمد بنور، أن التكتل لا يمانع تشكيل حكومة كفاءات من قبل الجبالي حفاظا على مصلحة البلاد. وبحثا عن مخرج دستوري لأزمة الحكومة، عقد الرئيس محمد المنصف المرزوقي اجتماعا مع خبراء القانون الدستوري، بينهم عياض بن عاشور، لبحث الصيغة الدستورية المثلى للتعديل الحكومي. في سياق آخر، عاد الهدوء إلى العاصمة تونس بعد يومين عاصفين من المسيرات والتجمعات الحاشدة، يوم السبت، لمناهضي النهضة، في جنازة شكري بلعيد، ويوم الأحد لأنصار النهضة والقوى الإسلامية، غير أن قوات الأمن مازالت تتمركز بشكل لافت في أبرز المناطق الحساسة في العاصمة تونس والمدن الكبرى. كما تظل مدرعات الجيش ترابط أسفل شارع الحبيب بورقيبة، وأمام مقر وزارة الداخلية في نفس الشارع. وقال وزير الدفاع التونسي، عبد الكريم الزبيدي، إن الجيش يعمل وفقا لمهامه الدستورية، وأنه لا يأخذ التعليمات من أي طرف سياسي كان، وشدد على حياد المؤسسة العسكرية في تونس من أي تجاذبات سياسية.