يعود أعضاء الجمعية العامة للاتحادية الجزائرية لكرة القدم من جديد للإقامة في فندق من خمس نجوم، حين تمت دعوتهم مرة أخرى لحضور أشغال تتعلق اليوم بانتخاب رئيس الاتحادية لعهدة أولمبية جديدة بعد أسبوعين فقط عن إقامة هؤلاء، على حساب ''الفاف''، في فندق ''الميريديان'' الفخم بوهران خلال أشغال الدورة العادية. أكثر ما يميز مختلف الجمعيات العامة للاتحادية الجزائرية لكرة القدم، سواء العادية أو الانتخابية منها، في عهد الرئيس المنتهية عهدته محمّد روراوة والمرشح الوحيد لخلافة نفسه، سقوط عامل المفاجأة من قاموس كل الأشغال، فتحوّلت أجواء الدورات من النقيض إلى النقيض بشكل لافت للانتباه ومثير للتساؤل. فبعدما تمادى الأعضاء، خلال التسعينات، في الصراعات وتحويل قاعات الأشغال إلى حلبات للملاكمة وإلى أجواء فوضى عارمة تميزها المناقشات البيزنطية العقيمة لتحقيق مصالح ضيقة على حساب الكرة الجزائرية، أضحت اليوم السكينة والهدوء والولاء لشخص محمّد روراوة السمة البارزة في الجمعيات العامة ل''الفاف''، بشكل أفقد ''أصحاب السيادة'' قيمتهم وأفرغ تجمعهم من محتواه المبني أساسا على المناقشة والمحاسبة والانتقاد البنّاء. وإذا وقفت عهدات روراوة ومن سبقوه في كرسي رئاسة الاتحادية اليوم على طرفي نقيض، فإن ذلك يعني بالضرورة بأن من أوكلت لهم مهمة ومسؤولية التدقيق في حصيلة رئيس الاتحادية والاحتكام عن قناعة إلى خيار التزكية أو الرفض، حادوا بالأمس واليوم عن مهامهم وأهملوا مسؤولياتهم الحقيقية، لأن عهد المرحومين ذيابي وكزال جعل الكرة الجزائرية تراوح مكانها من فرط الضرب تحت الحزام وسحب البساط من تحت الأقدام وخلق جو اللااستقرار للكرة الجزائرية، بينما لم يكن يوما الولاء التام للرئيس دون مناقشته أو محاسبته خيارا حكيما للسماح لكرتنا بالتطوّر مثلما هو حاصل في عهد محمّد روراوة. وبما أن أي رئيس يشرف على تسيير الاتحادية معرّض لأن يخطئ ويصيب، وجب التعامل مع نشاطه بعقلانية، ومن ثمة أصبح طرح أشغال موسم كامل من العمل وما يتبعه من مصاريف للنقاش، أمرا حتميا ومنطقيا من أجل معالجة النقائص في هدوء، دون تبنّي سياسة الهدوء الذي لم يسبق يوما ''عاصفة'' في عهد المرشح لخلافة نفسه. الفرق بين روراوة ومن سبقوه في الرئاسة يكمن في الجانب المالي، فالاتحادية حاليا تعيش بحبوحة مالية جعلتها قادرة اليوم على الارتقاء بمقام أعضاء الجمعية العامة من الاجتماع بالقاعة البيضوية إلى فنادق بخمس نجوم، ويتفق روراوة مع المرحوم ذيابي في شخصيته القوية، ما جعل ذيابي في فترة من عهده يضمن ولاء الأعضاء مثلما ضمنه اليوم محمّد روراوة مع الأعضاء الجدد. ولاء أعضاء الجمعية العامة للشخصية القوية وضعف هؤلاء أمام الإغراءات المالية في شكل مساعدات لمختلف المؤسسات الخيرية لمجموعة من أعضاء الجمعية العامة ومرافقة دائمة للأندية والمنتخبات لعدد آخر منهم، ثم الإقامة في فنادق فخمة، يبقي على حقيقة واحدة مفادها غياب عامل المفاجأة من جانب أعضاء الجمعية العامة في عهد روراوة، بعدما أصبحت ألسنتهم عاجزة عن النقاش والحساب، وأيديهم جاهزة فقط للتصفيق والتزكية، وهو ما سيحدث اليوم بفندق الشيراتون بالجزائر العاصمة، حين يجتمع هؤلاء من أجل تزكية محمّد روراوة المرشح الوحيد لخلافة نفسه لعهدة جديدة على رأس الاتحادية.