حتى وإن لم يلق خطابا بمناسبة اليوم العالمي للمرأة للعام الثالث على التوالي، مكتفيا بتوجيه رسالة في موعدها المحدد إلى نساء الجزائر، عكس ما حصل مع أحداث أخرى عرفتها الجزائر في المدة الأخيرة، غير أن الرئيس بوتفليقة لم يتأخر كعادته في حضور الموعد السنوي المتجدد مع النساء بنزل الأوراسي، خاصة وأن احتفال هذه السنة جاء على خلفية دسترة ترقية مشاركة المرأة في العمل السياسي من خلال توسيع مجال حضورها في المجالس المنتخبة. ويسجل الرئيس بحضوره الشخصي حفل عيد المرأة بعد غياب طويل عن الاتصال المباشر بمختلف شرائح المجتمع، اكتفى خلال هذه المدة بمخاطبة الجزائريين عن طريق المراسلة، اهتمامه الكبير بدور المرأة ومكانتها، وحبه للنساء، لأن حبهن من حب الوطن، حتى وإن لم ترتق هذه القناعة إلى درجة تعيينهن في مناصب مسؤولية في قطاعات وصلت إلى درجة التأنيث منذ مدة طويلة، كقطاع الصحة والتربية والعدالة، قبل الحديث عن تعيينهن في الحكومة، الذي تراجع مقارنة بحكومات سابقة، في الوقت الذي وصل عدد النساء في البرلمان عن طريق الكوطة إلى 561 امرأة. والأكيد أن الرئيس بوتفليقة له كل الصلاحيات الدستورية في تعيين العدد الذي يراه مناسبا من النساء في مختلف مناصب المسؤولية، فلماذا لا تعين امرأة على رأس وزارة سيادة؟ ولماذا تربط المرأة الوزيرة بقطاعات لها علاقة بوظائفها التقليدية في المجتمع والعائلة؟ بالمقابل هل يكفي أن تعين امرأة على رأس ولاية وأن تتقلد منصب وزيرة أو نائب في البرلمان، أو سفيرة؟ وهل يكفي أن ترقى امرأة إلى رتبة جنرال أو أن تدخل سباق الرئاسيات كما حدث مع لويزة حنون حتى نطمئن على وضعيتها ونقر بمساواتها مع الرجل؟ أسئلة توجه للقائمين على شؤون البلاد أولا، ثم لكل النساء والرجال، ولا أنتظر أجوبة بقدر ما أتمنى أن ننتقل من مرحلة الأقوال إلى الأفعال، والوصول إلى مستوى المشاركة النوعية للمرأة والرجل على حد سواء، والتي يجب أن ترتكز على الإخلاص والعلم والعمل والكفاءة، وليس على الولاء والحسابات السياسية الظرفية، وأن تصبح مشاركة المرأة حقيقة تجسد وليس شعارا يردد في المناسبات والحملات الانتخابية، ويستعمل للتزيين والتسويق. في الأخير يجب أن نقول كلمة حق حول واقع المرأة في الجزائر ونقول إن احتلال الجزائر للمرتبة 22 عالميا من حيث حضور المرأة في البرلمان لا يعكس في أي حال من الأحوال مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية الجزائرية التي تكاد أن تكون حكرا على الرجال.