نستغرب تقديم العرب مبادرات مجانية لإسرائيل الثورات العربية لم تضع فلسطين في الموقع الذي تستحقه lتحدّث عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، الشيخ نافذ عزام، في حوار مع ''الخبر'' عن وضع القضية الفلسطينية ما بعد نجاح الثورة في مصر والدول التي شهدت ''الربيع العربي''، وحذّر من جهة أخرى من أن تكون إسرائيل تناور لحل مشكلتها مع تركيا دون أن تقدم أي تنازلات، مشيرا إلى أن إسرائيل لم تف بوعدها لأردوغان برفع الحصار عن قطاع غزة، وشدد بالمقابل على أن لا تكون زيارة أردوغان إلى القطاع عبر إسرائيل أو بموافقة منها. هل لعبت حكومات ''الربيع العربي'' أي دور في فك الحصار عن قطاع غزة؟ غزة جزء صغير من فلسطين، لكن كثافة الهجمة عليها كبيرة جدا. المقاومة موجودة بشكل فاعل وكبير في غزة، وهذا ما يجعل إسرائيل أكثر شراسة في التعامل معها، رغم أنها لا تتوانى في فرض الحصار على إخواننا في الضفة الغربية، فغزة تعيش أوضاعا خاصة نتيجة لعدة عوامل، أولها تمركز المقاومة فيها، ولها حدود مع فلسطين عام 1948 التي تسمى إسرائيل، وهناك محاولة إسرائيلية دائما لإرباك الفلسطينيين ووضعهم تحت نيرانها، الآن هناك فترة هدوء في غزة، وبالذات بعد الحرب الأخيرة التي شنت خلال حرب الأيام الثمانية، والتي أبلى فيها الفلسطينيون بلاء حسنا، وتحديدا كتائب سرايا القدس وكتائب القسّام، ووقع اتفاق التهدئة ولازال هذا الاتفاق ساريا لحد الآن، وبالتالي الأمور أهدأ والحصار أخف في العام الأخير والثورات العربية حسّنت من موقف الفلسطينيين، لكن لم نصل لحد الآن إلى ما نصبوا إليه وما نريده، والثورات العربية ربما لم تضع فلسطين في الموقع الذي تستحقه. لكن بدون شك، فإن الثورات العربية تزعج إسرائيل، ونحن في قطاع غزة سنظل نعتبر أنفسنا جزء من هذه الأمة الكبيرة ننوب عنها في هذا الصراع، لكن نثق دائما أن هذه الأمة ستقف دوما إلى جانبنا. لماذا قررت مصر في عهد الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، غلق الأنفاق بشكل لم تشهده المنطقة حتى في عهد مبارك؟ بالتأكيد نحن كفلسطينيين في قطاع غزة، ننتظر الكثير من إخواننا في مصر وليبيا وتونس (الثورات التي انتصرت)، لكن لحد الآن لم يحدث تغيير كبير في هذا الموقف، لكن هناك صعوبات وعراقيل تواجه الإخوة في مصر والرئيس مرسي، وضغوطات من أطراف إقليمية ودولية لا تريد لنموذج الثورات أن تنتصر، لأن الشعوب تقف مع القضية الفلسطينية، ولأن الأمة العربية والإسلامية مستعدة لتقديم كل شيء لتحرير المسجد الأقصى والوقوف في وجه المشروع الأمريكي الصهيوني. هناك خلط في المنطقة وأطراف كثيرة في المنطقة تتدخّل لتحريف المسار، لكن نحن نحسن الظن بإخواننا في مصر، رغم أنهم لم يقدموا لحد الآن ما نطمح إليه نحن وما يتحدثون به هم دائما في أدبياتهم، ربما هذا راجع للصعوبات التي يواجهونها والأخطاء التي ورثوها عن النظام السابق. لكن رغم ذلك، يفترض أن تكون القضية العربية في سُلّم الأولويات لأي بلد عربي، هذا ما نأمله، رغم أنه لم يحدث لحد الآن. تركيا أعلنت أن إسرائيل وافقت على كل شروطها، بما فيها رفع الحصار عن غزة، هل حدث ذلك فعلا قبل زيارة أردوغان خلال هذا الشهر؟ لم يحدث شيء من هذا، ونحن نخشى أن تكون مجرد وعود، فإسرائيل تماطل كثيرا في تنفيذ التزاماتها وتعهداتها، حتى تلك التي وقّعتها ضمن اتفاقيات دولية، كاتفاقية كامب ديفيد واتفاقية وادي عربة واتفاقية أوسلو. حتى الآن للأسف، لم يحدث شيء ونخشى أن تكون إسرائيل سلكت طريق المناورة لحل مشكلتها مع تركيا، دون أن تقدّم شيئا على الأرض. أردوغان أجّل زيارته لقطاع غزة من أفريل إلى شهر ماي، هل هناك تاريخ محدد لهذه الزيارة، أم تم إرجاؤها بسبب ضغوطات أمريكية؟ يقال إن الزيارة ستكون في آخر شهر ماي، وأمريكا أعلنت بشكل رسمي أنها طلبت من أردوغان تأجيل الزيارة، وهو أكد أنه لن يصغي لهذا النداء وسيزور غزة، ونحن نرحب بأي زعيم عربي أو إسلامي بزيارة غزةوفلسطين، ولكن لا يجب أن تمر الزيارة عبر إسرائيل أو عبر موافقة إسرائيلية. قطر اقترحت تبادلا محدودا للأراضي بين الفلسطينيين وإسرائيل، ما هو موقفكم من هذا الاقتراح؟ نحن نستغرب طرح مثل هذه المبادرات في ظل التعنت الواضح الذي تبديه إسرائيل. لا يوجد أي أفق أمام ما يسمى بمسيرة التسوية، لذلك نحن نستغرب أن يقدم العرب مبادرات مجانية لإسرائيل، لماذا الحديث الآن عن مبادلة الأراضي في ظل استمرار إسرائيل في مصادرة الأراضي في الضفة الغربية واستمرار الاستيطان، وفي ظل الهجمة المسعورة على القدس وعلى أهل القدس واستمرار بناء جدار الفصل، في ظل احتجاز 5 آلاف أسير ومعتقل في السجون الإسرائيلية، لماذا لا يراجع العرب مواقفهم، لماذا لا يجري العرب تقييما لكل مواقفهم السابقة؟ نحن نتحدث عن برنامج جديد، يجب أن يتفق عليه العرب في مواجهة إسرائيل والسياسة الأمريكية التي تريد أن تبتلع المنطقة بالكامل ومصادرة القرار العربي. فمن المستغرب لدينا بدل أن تحدث هذه المراجعة، نسمع عن مبادرات لا تمثّل أبدا طموح الشعب الفلسطيني ولا يمكن على الإطلاق أن تعيد ولو جزء من الحق. هذه الفكرة طرحت في السابق وتم رفضها، وعندما تطرح مجددا سيتم أيضا رفضها ولن تتوفر لها أي فرصة للنجاح. ما هو تصوركم بشأن المصالحة الفلسطينية وإعادة تنظيم وتوسيع منظمة التحرير الفلسطينية وانتخابات مجلسها الوطني؟ نحن في حركة الجهاد حريصون على تحقيق المصالحة وبذلنا جهودا كبيرة، رغم أننا لسنا طرفا مباشرا في الذي حصل بين الإخوة في فتح والإخوة في حماس. ولكننا قلنا منذ البداية، إننا متضررون وأننا حريصون على وحدة الموقف في الساحة الفلسطينية وبذلنا جهودا كبيرة في السبع سنوات الأخيرة وقدمنا مبادرات عديدة، ولكن للأسف النتائج لم تكن في مستوى الآمال. ونحن للتوضيح، لا نقصد بالمصالحة مجرد تشكيل حكومة تسمى حكومة وفاق وطني، ولكننا نتحدث عن رؤية أوسع للمصالحة وبرنامج يتفق عليه ''برنامج وفاق''، وتتعلق بإصلاح منظمة التحرير التي يجب أن تكون مظلة لكل الفلسطينيين، لكن المنظمة تعاني الآن من خلل واضح في غياب البرنامج وتعطل الأطر والهياكل، فنحن مصرون على إصلاح منظمة التحرير التي نقدّر دورها في السنوات الأولى التي رفعت راية الكفاح وكانت رائدة في الكفاح. نحن نريد أن تستعيد المنظمة هذا الدور، وأن تكون ممثلة تمثيلا حقيقيا للشعب الفلسطيني. وهل تقبلون أن يكون إصلاح منظمي التحرير الفلسطينية وفق اتفاقية أوسلو التي أوجدت مؤسسات السلطة الفلسطينية من رئاسة وحكومة ومجلس تشريعي؟ بالتأكيد لا، فاتفاقية أوسلو ساهمت في زرع الفرقة في الصف الفلسطيني ولم تحقق شيئا للشعب الفلسطيني، باعتراف الإخوة في السلطة الفلسطينية، والمفاوضين أنفسهم، كالدكتور شعث وصائب عريقات وأبو مازن نفسه. ونحن لم نشارك في أي من استحقاقات اتفاقية أوسلو، كالانتخابات الرئاسية والتشريعية ولم نشارك في أي حكومة، فأبو عمار عرض علينا دائما المشاركة في الحكومة، وأبو مازن كرر نفس الطلب، والإخوة في حماس لما شكّلوا حكومتهم عرضوا علينا، ولكن نحن رفضنا، لأننا أردنا أن نكون منسجمين مع موقفنا الرافض لأوسلو، لذلك لا أظن أننا سنشارك في الانتخابات التشريعية، ولكننا ربما سنشارك في انتخابات المجلس الوطني، وهذا أمر نحرص عليه في إطار إصلاح منظمة التحرير والتوافق على برنامج عمل، لأن المجلس الوطني لا علاقة له باتفاقيات أوسلو ولا سقف له مع الاتفاقيات الموقّعة مع إسرائيل. لديكم علاقات قوية مع إيران، فكيف هو الوضع بالنسبة لعلاقتكم مع النظام السوري بعد ''الثورة''؟ علاقاتنا مع أي طرف كانت محكومة دائما بمدى قرب أو بعد هذا الطرف من الإسلام وفلسطين. إيران تقدم خدمة كبيرة للفلسطينيين، وإيران جزء من المشروع الإسلامي وقدمت مساعدات كبيرة للمقاومة الفلسطينية، وهذا أمر يجب أن نقوله، اعترافا بالجميل، وهذا جزء من أخلاق الإسلام والعرب أيضا. أما سوريا، فوفرت أجواء مناسبة لكل فصائل العمل الوطني الفلسطيني، وواجهت ضغوطا كثيرة من أمريكا ودول أخرى. الآن هناك أزمة في سوريا، نحن ننظر بتقدير أيضا للشعب السوري الذي احتفى بنا كثيرا ونحن هناك، وبالتالي نحن نتألم مما يجري ونحن ندعوا الله صباح مساء أن يحقن الدم السوري وأن تنتهي هذه الأزمة بما يخدم القضايا العربية واستمرار سوريا في دورها الداعم للمقاومة والرافض للتطبيع والتعامل مع إسرائيل، وبما يحقق مطالب الشعب السوري في أن يعيش الحياة التي تليق به.