أجمع، أمس، المشاركون في الملتقى الوطني الأول حول الرهانات المستقبلية في تكوين الكفاءات الجزائرية، في ظل انفتاح قطاع السمعي البصري، الذي تجري فعالياته بجامعة المسيلة، على عدم توفر الإرادة السياسية في تنظيم قطاع الإعلام في الجزائر، وأن نية حقيقية من السلطة تبقى من قبيل الإمعان في تعويم هذا الأخير وإغراقه في المتاهة، وفق ما تقتضيه قناعات الأشخاص والسياسات المنتهجة ليس إلا. واعتبر الدكتور العيد زغلامي، مستعرضا تجربة الإذاعة الجزائرية، أن الانتشار أصبح وحده لا يكفي لخلق جذور التواصل بين السلطة العمومية ومختلف شرائح المجتمع، في صورة إنشاء إذاعات في كل ولايات الوطن، إذ بات لزاما، حسب مستشار المدير العام للإذاعة، إذا ما كانت النية تكريس مبدأ حرية التعبير وتوسيع مساحة الإبداع في مختلف أوجهه، العمل على ترقية مفهوم الخدمة العمومية وأهدافها النبيلة وإخراجها من عباءة الهيمنة السلطوية وقانون الأمزجة والأهواء التي طغت عليها لعدة سنوات. من جهته أكد السيد على جري في سؤال حول مدى صدقية تقييم بعض الهيئات الدولية لواقع الصحافة في الجزائر، وأسباب تقهقرها إلى المرتبة 125 عالميا، بالرغم من حزمة الإصلاحات ابتداء بقانون الإعلام 1990 وحتى مثيله في 2012، أكد أن المعايير التي تستند إليها هذه الهيئات لا تعني بالتحديد الممارسة الميدانية فقط، بقدر ما هي مرتبطة بمدى تكريس صورة الحرية على أرض الواقع. واعتبر السيد جري أنه لابد من الاعتراف بأن الصحافة في الجزائر واقع حال لا بد من التعامل معه كما هو، مادام أن مؤشر الحرية لا يمكن فصله عن قناعات الأشخاص ومراحل حكم متواترة تحاول جعل من الإعلام وسيلة لخدمة سياساتها، ليبقى، حسب جري، استمرار تأخر المنظومة التشريعية لسبب أو لآخر في سنّ قوانين تساير مستوى قوانين مختلف الدول التي قطعت أشواطا في الرفع من مستوى الممارسة المهنية، وإعطاء مجال أوسع لحرية التعبير، وعلى رأسها مبدأ الوصول إلى المعلومة، باعتبار أن هذا الحق مقدس، للأسف، يضيف جري، لم يعد مكفولا في القانونين، وكلاهما وبال على المهنة في بلادنا. أما العربي زواق الذي تساءل عن المانع من أن تنفتح السلطة في الجزائر على نفس المستوى على الأقل لما هو حاصل حاليا في دولة كقطر، وقال إن الواقع الإعلامي في الجزائر استفاد من أشياء كثيرة على مستوى المكتسبات في سبيل ترقية المهنة، لكن يبقى ذلك على المستوى النظري فقط، أما على صعيد التطبيق، فالواقع يظهر المأساة إلى حد كبير، وخلص في الأخير إلى أن وجود 130 جريدة يومية والهيمنة على سوق الإشهار، يؤشر بما لا يدع مجالا للشك أن كل شيء في الجزائر مبني على الترقب. الملتقى الذي يدوم يومين، قدمت خلاله شهادات وتجارب لصحفيين ومسؤولين عملوا في التلفزيون العمومي، على غرار الصحفية صورية بوعمامة ومدير الأخبار السابق إبراهيم صديقي، والبروفيسور اليمين بوداود ونخبة كبيرة من الإعلاميين، ومن المرتقب أن يخرج الملتقى بتوصيات من شأنها دعوة السلطة إلى الأخذ بمقترحات أصحاب المهنة.