امتحانات البكالوريا عندنا أصبحت تشبه الانتخابات الرئاسية من حيث الجدية والغش والتزوير.! وعندما يقول وزير التربية إن البكالوريا هذا العام لن تكون نتائجها سياسية، فذاك يعني أن هذه البكالوريا كانت نتائجها في السنوات الماضية سياسية. تماما مثلما يقول الحكام ومنهم وزير الداخلية.. إن الانتخابات الرئاسية هذه المرة ستكون شفافة وغير مزوّرة..! وهو اعتراف ضمني بأن هذه الانتخابات كانت مزوّرة وغير شفافة.! الرئاسيات يحرسها البوليسية والعسكر.. وينتخبون في صناديقها بالانتخابات المغلقة على المرشح الواحد..! والبكالوريا أصبح يحرس أسئلتها البوليسية والعسكر..! وينقلون الأسئلة بحراسة مشددة أمنيا، خوفا من أن يعتدي رجال التربية المكلفون بالإشراف على تربية النشء على هذه الأسئلة.! ترى هل هذا معقول أن يحرس رجال الأمن والجيش امتحان البكالوريا من رجال التربية.؟! ونعتبر ذلك مسألة عادية بل ومهمة تضمن جدية وصرامة هذا الامتحان؟! عندما تقول الأخبار بأن بعض مراكز الامتحان في بعض الولايات شهدت عمليات غش جماعية، يشرف عليها أساتذة فلا تتعجبوا من الأمر.. لأن سياسة حراسة تلاميذ التربية بواسطة الشرطة، تعكس أزمة تربية قبل أن تعكس أزمة أمن وغش وتزوير..! لأنه عندما تصبح الانتخابات الرئاسية ميدانا للتزوير المبرمج بلا أخلاق ولا بحساب القانون، من يفعل ذلك فإن تزوير البكالوريا بالغش يصبح أمرا ثانويا. أطرف ما سمعت من سنوات في أمر البكالوريا، أن الولايات أصبحت تتنافس في عدد الناجحين بتفوق، ولذلك عمد الأساتذة الذين يحرسون بعض المراكز إلى القيام بعمليات إرشاد التلاميذ إلى إجابات ممنهجة في سياق الغش الرسمي من طرف الحراس.! وسجلت الوزارة هذه الأمور في أكثر من مركز وعوض أن تحارب الظاهرة بإجراءات تربوية قامت باتخاذ قرار يقضي بنقل الحراس الأساتذة من ولاية إلى أخرى.. وزيادة تكاليف الامتحان، لكن الظاهرة لم تختف لأن الأمر لا يتعلق بمحاولات غش معزول يمكن علاجه بإجراءات كهذه، بل الأمر يتعلق بالتربية برمتها وبالسياسة العامة للبلاد ككل؟! فالفساد الذي يضرب الاقتصاد يضرب السياسة ويضرب التربية ويضرب الدين ويضرب العدالة ويضرب الإعلام ويضرب الأمن.. أي يضرب المجتمع ككل ويضرب أسس الدولة كدولة.! لذلك، فإن الغش في الامتحانات وفي الانتخابات لا يمكن معالجته بإجراءات أمنية، ظاهرها محاربة الغش وباطنها توفير غش آمن للتلاميذ؟!