ذكر عز الدين ميهوبي أن المائة سنة القادمة ستعرف سيادة ثلاث لغات هي الانجليزية والصينيّة والعربيّة، لأنها غير متجانسة في المبنى والمعنى والبيئة، معتبرا أن التقديرات تشير إلى أنّ العام 2050 سيشهد على الصعيد الديمغرافي زيادة 166 مليون صيني، و72 مليون عربي. وقال ميهوبي إن الغلبة في الانتشار والتأثير تكون للغة الشفرة التقنيّة التي تكون مفتاح المعرفة الجديدة والمتسارعة. قدم عزالدين ميهوبي، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، في محاضرة ألقاها بالمدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية حول “التفاعلات اللغوية من برج بابل إلى أبراج منهاتن”، كمّا هائلا من المادة التاريخية المرتبطة بنشوء اللغة، وطرح سؤالا فيما إذا كانت اللغة خلقا أم ابتكارا، باعتبارها أروع أداة “اخترعها” الإنسان قبل مليون سنة تقريبا، واستدلّ بمقولة نعوم تشومسكي “ اللغة تولد في الإنسان مع ولادته ومن ثم لاحقاً تختلف وتتنوع من جراء تعرّضه لمنبهات لغوية مختلفة”. وتحدّث رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، عن “صدام اللغات” مستدلاّ بقول المفكر الأمريكي صاموئيل هنتنغتون: “إنّ العالم يتوجه نحو حرب حضارية تكون فيها القيم الثقافية والرمزية هي الحدود القتالية”، ودعوته إلى “ضرورة حماية اللغة الإنجليزية من الزحف اللّغوي الإسباني” بعد أن بشّر بصدام لغويّ يتهدّد الهويّة الأمريكيّة في الولاياتالمتحدة خلال العقود القادمة. وعن مستقبل اللغات في العالم استدلّ ميهوبي بحوار مع المفكّر الإيطالي أمبرتو إيكو الذي لا يرى في وجود لغة عالميّة واحدة أمرا ممكنا، حيث قال: “كل لغة تقترح شكلا مختلفا للعالم، لهذا فإنّ جعل لغة واحدة عالميّة أمر غير ممكن، والأفضل هو العبور من لغة إلى أخرى. أنا مع تعدد الأقطاب اللّغوية. فالتنوّع اللّغوي يعني الثراء، إنه أمرٌ لا يقبل النقاش، لأنه قد يكون مرتبطا بالطبيعة البشرية. ويمكن أن نتجاوز هذا الثراء لقرون بسبب هيمنة لغة واحدة على اللّغات الأخرى، الإغريقية، اللاتينية، الفرنسيّة، الإنجليزية.. وأعتقد أننا بصدد بروز جيل تتشكّل داخله طبقة حاكمة مزدوجة اللّغة”. واختتم عزالدين ميهوبي محاضرته بالحديث عن اهتمام الدوائر الرسميّة في الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 بتدريس اللغات المصيريّة ومنها العربيّة، من خلال “المبادرة اللغوية للأمن القومي” التي أنشأها الرئيس الأسبق جورج بوش.