صدرت مؤخرا الترجمة العربية لكتاب "من نحن؟ التحديات للهوية القومية لأمريكا"، للمفكر الأمريكي «صمويل هنتنغتون» صاحب كتاب "صدام الحضارات" عن المركز القومي للترجمة بمصر، وحسب قراءة أعدّها «سيد محمود» فإن فكر «هنتنغتون» الذي رحل عن عالمنا مؤخرا تبلور بكتابه الأخير وظهر ذلك بكتابه الذي ترجمه للعربية السفير «أحمد مختار الجمال»، وفيه أكّد على أن أمريكا في مواجهة جديدة مع الإسلام، وعرض لمشكلات اندماج الجماعات العرقية بأمريكا، معتبرا أن الهجرات القادمة من المكسيك والمجتمعات العربية والإسلامية جاءت بأناس لا يستطيعون الاندماج مع قيم الانفتاح والتنوع التي تسم المجتمع الأمريكي، ويدور محتوى الكتاب حول موضوع رئيسي يرتبط بمعنى الهوية القومية لأمريكا، وهي الهوية التي صعدت للصدارة في أولويات الأمريكيين أنفسهم بعد ال11 سبتمبر، حيث أدى إحساسهم بالخطر إلي تبلور معنى جديد للهوية، ومع تلاشي الإحساس بالخطر حدث ذوبان للهويات وباتت الهوية الأمريكية بالمعني القومي في الدرجة الثانية من الأولويات، ويرصد «هنتنغتون» التغييرات التي مرّت بها الهوية الأمريكية وكانت كلها ذات طابع ثقافي، إذ توافق الأمريكيون على القبول بالتنوع القائم في مجتمعهم وحسب وصف «أمين شلبي» في مقدمته فقد أصبح ينظر إلي العقيدة الأمريكية باعتبارها العامل الحاسم المحدد للهوية الأمريكية التي كانت نتاجا للثقافة الأنجلو بروتستانتية بعناصرها التي صاغت الحلم الأمريكي بجاذبيته المعروفة والتي يمكن إيجازها في اللغة الإنجليزية والديانة المسيحية والقيم البروتستانتية في شأن العمل والمفاهيم الإنجليزية لحكم القانون ومسؤولية الحكام والاعتقاد بأن البشر لديهم القدرة علي تحقيق جنة على الأرض، وحسب الكتاب فقد ظلّت الثقافة الأنجلو بروتستانتية مُهيمنة وفكرة مركزية للهوية الأمريكية 3 قرون، إلى أن تعرّضت إلى تهديدات مصدرها موجات الهجرة التي جاءت بشكل رئيسي من أمريكا اللاتينية وآسيا، ويرى «هنتنغتون» من جديد أهمية الحاجة للبحث عن عدو لأمريكا، لأن وجود هذا العدو يشكّل حافزا لتعريف المصالح الأمريكية وتحديدها وحمايتها، ويستشهد المؤلف بقول أحد مساعدي «غورباتشوف» إن إنهاء الأخير للحرب الباردة كان حدثا مرعبا لأمريكا، لأنه جرّدها من مزية وجود أعداء أشداء لها، ويرصد الكتاب التهديدات المحتملة للهوية المطلوبة، ويحذّر «هنتنغتون» من أن الولاياتالمتحدة قد تقسم إلى شعبين بثقافتين ولغتين، حيث سيصبح جزء من أمريكا، خاصة جنوب فلوريدا والشمال الغربي لاتينيا، بينما تتعايش كل الثقافات واللغات في باقي أمريكا، مما يعني أن الانقسام الثقافي بين الإنجليز واللاتينيين سوف يحل محل الانقسام العنصري بين البيض والسود، ويتوقع «هنتنغتون» أن التحديات التي ستسفر عن هذا الوضع قد تؤدي إلى ميلاد حركة عنصرية يقودها الأمريكيون البيض لإحياء مفاهيم عرقية لإيجاد أمريكا جديدة تقهر الجماعات العرقية الأخرى.