على هامش اللقاءات السينماتوغرافية التي احتضنتها مؤخرا مدينة بجاية، التقت “الخبر” بالتونسية هند بوجمعة مخرجة فيلم “ يا من عاش “ الذي منحها شهرة كبيرة في فرنسا وألمانيا وبلجيكا وكان هذا الحوار ل”الخبر”. أنت في بجاية للمشاركة في اللقاءات السينماتوغرافية؟ كانت أول مرة تطأ أقدامي أرض الجزائر وأنا سعيدة بتواجدي في بلدي الثاني بعد تونس، وبالمناسبة جئت خصيصا للمشاركة في اللقاءات السينماتوغرافية التي احتضنتها بجاية وكانت فرصة لعرض فيلمي الجديد “يا من عاش “ والإطلاع على أوضاع السينما المغاربية بصفة عامة. أنا من دعاة الوحدة المغاربية وأعجبتني كثيرا النقاشات التي دائرت بين الجمهور والمخرجين. ركزت في تدخلاتك كثيرا على ضرورة تطوير السينما المغاربية؟ كما سبق القول أنا مغاربية فكريا وسياسيا واقتصاديا وسينمائيا، ومسألة بناء صناعة سينماتوغرافية مغاربية، ليس بالأمر المستحيل، بل يكفي أن تتوف الإرادة لذلك نحن جيران ومصيرنا واحد والشعوب متقاربة جدا والدليل على ذلك الحضور القوي للسينما التونسية والمغربية في بجاية. إذن ما الذي يمنع تحقيق مشروع سينما مغاربية ؟ السينما المغاربية موجودة وبقوة، وما ينتج في الجزائر والمغرب كثير جدا بالمقارنة مع دول أوروبية كثيرة. فقط يبقى المقص سيد الموقف، حيث تفرض رقابة على المنتجين، فلا يستطيعون طرح كل القضايا ومعالجتها بكل حرية، ومثل ما هناك ديكتاتوريين في السياسة يوجد ديكتاتوريون في السينما والفن، ولكن في السينما لدينا هذه الوسيلة الذكية التي تجعلنا نراوغ الديكتاتور مهما كانت صفته، يتمتع الشباب اليوم بحرية التعبير، وهذا جيد والكل يعبر في حرية في شمال إفريقيا. لهذا يمكن أن نتحسن ونبلغ العالمية وأنا أؤمن بسينما مغاربية قوية. كيف هو حال السينما والسينمائيين في تونس حاليا بعد التطورات السياسية الحاصلة؟ بعد رحيل الديكتاتور بن علي، كان التحرر وإعادة الولادة، في زمنه كان كل شيء تحت إمرته. اليوم، تتعثر السينما التونسية أحيانا ولكنها تواصل مسيرتها، وهذا ما جعل غالبية المنتجين يميلون إلى الأفلام الوثائقية، التي هي ليست مكلفة ولا تثير مشاكل مع الحكام والسياسيين الذين يرون في ميزانية السينما تبذيرا للأموال، وهو ما جعلنا نؤسس مركز السينما التونسية للتكفل بالإنتاج والتمويل والتوزيع، بعيدا عن استفزازات وتهديدات الجماعات الإسلامية. يعيش الفيلم الوثائقي اليوم عصره الذهبي بتونس، حيث فاز فيلم سامي تليلي “يلعن بو الفوسفاط” بأحسن جائزة في مهرجان برلين، وفاز فيلمي “يا من عاش” بأحسن جائزة في مهرجان دبي. وهل من فكرة حول فيلمك “يا من عاش”؟ تخص حياة امرأة تونسية تختصر في محتواها الأسباب الحقيقية التي دفعت التونسيين إلى الثورة على نظام بن علي والحذر من الإسلاميين، ربما هم أخطر من بن علي، من يدري؟ يجب أن نكون حذرين، نحن لا نريد أن يستولي الإسلاميون على السلطة، وبالتالي نفقد مكاسبنا التي تعود إلى الاستقلال. وماذا كسبتم حتى تخافون ضياعه؟ المرأة التونسية عاشت حرة وكريمة ما قبل الثورة، وبفضل ثورة الياسمين تدعّمت مكاسبها بحرية التعبير. والأفلام التي عُرضت في بجاية مؤخرا كان من المستحيل أن تنتج في عهد بن علي ومع حكم الإسلاميين، تناضل المرأة التونسية من أجل الشرف والوجود.